كشف منتجو العصائر والألبان المحلية في المملكة عن وجود خطة لرفع الأسعار النهائية لمنتجاتهم (كافة منتجات الألبان المختلفة والعصائر المتنوعة) تعويضا عن ما وصفوه بالارتفاع الحاد في تكلفة الإنتاج والمواد الخام والذي اصاب السوق المحلي منذ فترة قصيرة والذي قدروه بنسبة 40%، مع توقعاتهم بألا يؤثر ذلك على حجم إقبال المستهلك نظرا لكونها سلعا غذائية ضرورية مع توقعات أن يصاحب ارتفاع الأسعار ارتفاع في حجم الطلب على منتجات الألبان والعصائر الطبيعية خلال النصف الثاني من العام 2007 بما نسبته 15%، مقارنة بحجم مبيعات نفس الفترة من العام السابق. الأمر الذي يجعل منتجي الألبان والعصائر في المملكة يبدأون تطبيق التسعيرة الجديدة للألبان والعصائر خلال الشهر المقبل وذلك بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام وبودرة الحليب. وأكدوا أن عملية استمرار التلاعب في أسعار منتجات الألبان على الرغم من وضعها الحالي نظرا لما يتكبده كثير منهم من خسائر كبيرة تصل إلى المليارات وإيجاد حلول مناسبة توقف مسلسل الخسائر التي يتعرض لها المنتجون، واعتبر عدد من المستهلكين أن السوق المحلي يشهد حركة تنافس كبيرة من قبل مصانع الألبان في المملكة وذلك عن طريق العديد من الإغراءات المختلفة التي تحرك أسعار السوق وتجعل هناك إقبالا على الشراء بأي طرق أخرى إضافة إلى استخدام أساليب الدعاية المجانية في زيادة مبيعات هذه المصانع والشركات المختلفة مما قدر منتجون في السوق خسائر الفرق بين السعر بنحو 600 مليون ريال سنويا وهذا ما يزيد خطر تعرض بعض المصانع للإغلاق إذا لم يتم اندماج بينها أو وضع تسعيرة خاصة تشرف عليها وزارة الصناعة والتجارة.
ارتفاع تكاليف المواد الأولية
وبرر مدير عام شركة ألبان وعصائر منذر طراد الحارثي الزيادة المتوقعة في الأسعار بأن هناك زيادة حادة في تكلفة المواد الأولية ومدخلات الإنتاج الخاصة بتصنيع الألبان والعصائر، وقال: أخذت مدخلات الإنتاج تنحو في اتجاه تصاعدي منذ نهاية 2006، وما زالت في تصاعد مستمر مع بداية 2007، حيث ارتفعت تكلفة طن الحليب البودرة من 2400 دولار (الدولار=3.75 ريال) إلى 5 آلاف دولار، وارتفعت تكلفة مركزات العصائر بشكل كبير، فبينما كان الطن بـ1900 دولار أصبح الآن بـ3 آلاف دولار. وقال: هناك ارتفاع واضح في أسعار المواد الخام اليومية الأمر الذي سيجعلنا نعمل على زيادة الأسعار في حالة عدم ثبات الأسعار.
واعترف الحارثي بأن مصنّعي منتجات العصائر والألبان يواجهون أزمة تتطلب العمل على زيادة هامش الربحية ورفع السعر النهائي للمنتج، متوقعا أن يتحمل المستهلك ضريبة هذا الارتفاع بالزيادة الطفيفة في أسعار عبوات العصائر والألبان. فيما ربط بين الزيادة المتوقعة على حجم الطلب بالنمو السكاني قائلا: زيادة النمو السكاني بحدود 4% تعني أن هناك 4% مضمونة من المستهلكين الجدد لمنتجات العصائر والألبان، بصفتها من أهم السلع الاستهلاكية، خاصة مع التوسع في الاتجاهين (الأفقي والعمودي) في حجم الإنتاج والذي تعمل عليه شركات العصائر والألبان بشكل مستمر.
حجم السوق 770 مليون لتر
من جهته، قال مساعد مدير الإنتاج بإحدى الشركات المهندس هاني المولد: إن منتجي العصائر والألبان يحاولون التوفيق بين المحافظة على الكفاءة الإنتاجية والضغط على المصاريف، استعدادا لرفع الأسعار بنسبة تقديرية تعويضا لارتفاع تكلفة التصنيع. مضيفا: بالنسبة لقطاع العصائر تجاوزت تكلفة المواد الخام (المركزات والسكر والعبوات) ما نسبته 10%، فيما بلغ حجم الارتفاع في تكلفة إنتاج الحليب نسبة من 10 - 20 %، مما يعني أن الأسعار الحالية للمنتوجات لا تغطي التكلفة الفعلية، لذا فإن رفع الأسعار بنسبة طفيفة سيكون مبررا ومقبولا من قبل المستهلك. وهناك زيادة في الأسعار حاليا بمقدار نصف ريال في العبوة الواحدة وهو ارتفاع بسيط في كافة المنتجات والعصائر.
المنافسة قوية
ووصف سعيد أبو سعيد (أحد موزعي الألبان في إحدى الشركات الكبيرة) الوضع في السوق الحالي بأنه يعتمد على المنافسة بالبيع الرخيص من أجل احتكار السوق لأكبر قدر من المنتجات الكبيرة والتي فعلا بدأت تسيطر على الوضع من خلال تخفيض أسعار منتجاتها إلى سعر لا يمثل قيمة التكاليف للمنتج نفسه. مؤكدا أن هناك زيادة واضحة في أسعار المواد الخام للحليب والبودرة والتي تكون أساسية في عملية تصنيع الألبان. وأضاف: الوضع يحتاج إلى تدخل لعملية الاحتكار من قبل هذه الشركات والتي تصرف ملايين الريالات من أجل المحافظة على قوة السوق لها وعدم مقدرة أصحاب المصانع الصغيرة مجارتها بالشكل المطلوب.
حرب الكبار
كما اعتبر أحمد أبو زيد (أحد المستهلكين) أن الوضع الحالي قد يبشر ببداية حرب كبيرة في سوق الألبان إذا ما تم رفع أسعار الالبان خلال الشهر المقبل وهذا بداية صريحة لأن تكون هناك حرب أسعار قادمة بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير في كافة مناطق المملكة والتي أدت إلى ارتفاع في أسعار المواد وعلل بعضهم أن نقص المياه هو العامل الأساسي لرفع أسعار المواد بصفة عامة. حيث إن هناك العديد من الوسائل التي تستخدم حاليا من اجل بيع اكبر قدر من الألبان وبأسعار تختلف عن الوضع الآخر لكثير من المنتجات والتأكيد أن هناك بداية حرب ستكون في هذا الشأن وطالب الجهات المختصة بالتدخل حاليا وإيجاد أسعار موحدة، خاصة أن السوق المحلي يعتبر سوقا مفتوحا وأن هناك العديد من المنتجات التي يمكن أن تنافس في هذا المجال والتي سوف تسهم لأن تكون هناك حرب للأسعار من قبل الكبار والتي سوف يضيع فيها الصغير الذي يحاول المنافسة.
نسبة تقديرية
من جهته، قال المهندس فهد عبدالعظيم، إن منتجي العصائر والألبان يحاولون التوفيق بين المحافظة على الكفاءة الإنتاجية والضغط على المصاريف، استعدادا لرفع الأسعار بنسبة تقديرية تعويضا لارتفاع تكلفة التصنيع، مضيفا: بالنسبة لقطاع العصائر تجاوزت تكلفة المواد الخام (المركزات والسكر والعبوات) ما نسبته 10%، فيما بلغ حجم الارتفاع في تكلفة إنتاج الحليب نسبة 20%، مما يعني أن الأسعار الحالية للمنتوجات لا تغطي التكلفة الفعلية، لذا فإن رفع الأسعار بنسبة طفيفة سيكون مبررا ومقبولا من قبل المستهلك.
منافسون جدد
فيما اعتبر محمد غالب أن الوضع يحتاج إلى عملية تنظيم في كافة المنتجات سواء الألبان أو غيرها وأن هناك عمليات خداع كبيرة في السوق لعدم وجود رقابة صارمة لهذا الجانب الأمر الذي قد يؤكد حربا شرسة بين كبار الشركات وصغار الشركات والمصانع المحلية بعضها البعض ونحن نحتاج إلى حماية لأي منتج في ظل الأوضاع السيئة في سوق الأغذية وكثرة المخالفات المختلفة وأعتقد أن هناك خسائر كبيرة تتكبدها الشركات من جراء البيع بسعر رخيص بسعر 3 ريالات للعبوة الواحدة والتي تكاليفها أكبر من هذا السعر ومع ذلك يرضون بالوضع الحالي خوفا من دخول منافسين جدد في السوق.
التفتيش مستمر على الأسعار
من جانبه قال محمد عتيق الحربي (مدير عام فرع وزارة التجارة والصناعة بجدة) إن هناك جولات على الأسواق والمراكز التجارية والمستودعات وكذلك على المصانع والسوبرماركت من أجل التأكد من وضع السعر على العبوات والتأكد من تاريخ الصلاحية والتأكد من عدم وجود مخالفات للشروط التي تسير عليها المصانع وأعتقد أن الأسعار في وضع جيد وأن هناك قائمة بالأسعار من قبل المصانع حاليا بالإضافة إلى أن هناك مراقبة صارمة على هذه الأسعار وهناك عقوبات ضد المخالفين ومراقبة يومية على السلع والمنتجات للتأكد من عدم وجود مخالفات فيها.
خسائر كبيرة للمصانع
يشار إلى أن حجم إنتاج سوق العصائر في السعودية بلغ أكثر من 770 مليون لتر سنويا، فيما تقدر نسبة النمو السنوي ما بين 8 إلى 10%، ومن المتوقع أن يصل حجم الإنتاج إلى مليار لتر بحلول عام 2008، وتضم المملكة 38 مصنعا تنتج كافة أنواع العصائر المختلفة بنكهاتها المتنوعة وأحجامها المتعددة، ويمثل هذا الإنتاج أكثر من 90% من حاجة المستهلكين داخل البلاد. كما أكد تقرير صدر على الشبكة العنكبوتية أن سوق الألبان يشهد حالة تكبد كبيرة للشركات والمصانع المحلية في السوق منذ مطلع عام 2007 بسبب ارتفاع المواد الخام للحليب والمواد المصنعة للألبان والعصائر وبسبب قلة المياه فيما اعتبرت دراسة للمنظمة العربية للتنمية الزراعية أن الإحصاءات تشير إلى أن الألبان ومنتجاتها تحتل مراتب متقدمة في قائمة السلع الزراعية الغذائية التي يستوردها الوطن العربي، حيث يبلغ المتوسط السنوي للواردات العربية من الألبان ومنتجاتها نحو 2.17 مليار دولار وأن قطاع الألبان في الوطن العربي يعاني من العديد من المشكلات الإنتاجية والتسويقية والتصنيعية وخاصة لدى صغار المنتجين، والتي من أهمها انخفاض معدلات الإنتاج وتخلف قطاع التصنيع والنظم التسويقية وارتفاع نسب الفقد والتالف، مما يعود سلبا على كميات وجودة الإنتاج العربي من الألبان ومنتجاتها والميزان التجاري الزراعي العربي. ونظرا لكون القطاع التقليدي لإنتاج الألبان في الوطن العربي يساهم بنحو 80% من إجمالي حجم الإنتاج العربي من الألبان.