بسم الله الرحمن الرحيم
الملائكة
الملائكة الموكلة بالجبال
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم ..
يا رسول الله! هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد ؟
قال: لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة ..
إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن كلال ، فلم يجبني إلى ما أردت ..
فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب ..
فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني ..
فنظرت فإذا فيها جبريل ..
فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا به عليك ..
وقد بعث الله إليك ملك الجبال، لتأمره بما شئت فيهم ..
فناداني ملك الجبال، فسلم عليَّ ..
ثم قال: يا محمد! ذلك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين ..
فقال النبي صلى الله عليه وسلم ..
بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئاً
رواه البخاري ومسلم ..
وهذا من كمال شفقته ورأفته بأمته ..
وكما قال في الحديث الآخر ..
لكل نبي دعوة مستجابة ..
وإني اختبأت دعوتي شفاعةً لأمتي يوم القيامة ..
وبسبب هذه الشفاعة يكون لهذه الأمة يوم القيامة فضل عظيم وخير كثير ..
أما نوح عليه السلام فقد قال كما جاء في حديث الإسراء ..
(وقد كانت لي دعوة فدعوتها على قومي) ..
قال تعالى عنه: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ..
أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد احتفظ بدعوته وادخرها شفاعة لأمته يوم القيامة ..
فهو: بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ..
صلوات الله وسلامه عليه.
الملائكة الموكلة بالسحاب والمطر
ميكائيل موكل بالقطر والنبات اللذين يخلق منهما الأرزاق في هذه الدار ..
وله أعوان يفعلون ما يأمرهم به بأمر ربه ..
يصرفون الرياح والسحاب كما يشاء الرب جل جلاله ..
ما من قطرة تنزل من السماء إلا ومعها ملك يقررها في موضعها من الأرض ..
ومن الملائكة ما هو موكل بالسحاب ..
ففي سنن الترمذي عن ابن عباس أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ..
الرعد ملك من ملائكة الله، موكل بالسحاب ..
معه مخاريق من نار، يسوق بها السحاب حيث شاء الله.
وقد يسقي بلاداً دون بلاد أو قرية دون أخرى ...
وقد يؤمر بأن يسقي زرع رجل واحد دون سواه !
كما في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله تعال عنه ..
وهو من الأحاديث العظيمة الدالة على فضل الصدقة ..
وأن العبد ينال ولاية الله وكرامته بالإحسان والصدقة ..
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ..
بينا رجل بفلاة من الأرض ..
فسمع صوتاً في سحابة يقول: اسق حديقة فلان ..
فتنحى ذلك السحاب، فأفرغ ماءه في حرة ..
فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله ..
فتتبع الماء، فإذا رجل قائم في حديقته يحول الماء بمسحاته ..
فقال له: يا عبد الله! ما اسمك؟ قال: فلان، للاسم الذي سمع في السحابة ..
فقال له: يا عبد الله! لم تسألني عن اسمي؟
قال: إني سمعت صوتاً في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسق حديقة فلان .. لاسمك،
فما تصنع فيها؟
قال: أما إذ قلت هذا، فإني أنظر إلى ما يخرج منها ..
فأتصدق بثلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثاً، وأرد فيها ثلثاً !
فالله سبحانه وتعالى: فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ، لا معقب لحكمه، ولا مدبر في ملكه إلا هو عز وجل.
الملائكة الموكلة بالرحم
عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال ..
حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق ..
إن أحدكم ليجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ..
ثم يكون علقة مثل ذلك ..
ثم يكون مضغة مثل ذلك ..
ثم يرسل إليه الملك...)
وحديث حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ..
إذا أتت على النطفة اثنتان وأربعون ليلة أرسل الله إليها الملك فينفخ فيها الروح ..
رواه مسلم ..
فينفخ الروح في تلك النطفة ..
بعد أن كانت عبارة عن مادة حية ولكن لا روح فيها ..
والروح هي سر الله سبحانه وتعالى ..
الذي جعله في ابن آدم، وميزه بها عن غيره ليكون إنساناً ..
وبعد نفخ الروح يؤمر بكتب أربع كلمات ..
وذلك حتى يعلم الإنسان أن كل شيء قد قضي وفرغ منه وانتهى ..
وقد رفعت الأقلام وجفت الصحف، فلا شيء جديد أو مستأنف أبداً ..
فيؤمر بكتب أربع كلمات: رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ..
فوالذي لا إله إلا هو إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة ..
حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ..
فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ..
وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار ..
حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ..
فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها.
ففي هذه الأحاديث وغيرها دليل ..
على أن الله سبحانه وتعالى جعل من الملائكة أصنافاً موكلة بالأرحام ..
تدبر أمر النطفة حتى يتم خلقها.
الملائكة الموكلة بحفظ أعمال العباد وكتابتها
وكل الله بالعبد ملائكة لحفظ ما يعمله وإحصائه وكتابته ..
وهؤلاء هم أعظم من يجب علينا أن نؤمن بهم ونتفكر في أمرنا معهم دائماً ..
وهم الملائكة الذين يحفظون أعمالنا ويحصونها ..
وهم الكرام الكاتبون الذين وكلهم الله سبحانه وتعالى بالإنسان ..
والأدلة عليهم ثابتة من القرآن والسنة، فمن القرآن قوله تعالى ..
مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ..
قيل: إن (رقيباً وعتيداً) اسمان لملكين، والظاهر أنهما صفة للكتبة !
وقال تعالى: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ..
وغير ذلك من الأدلة الثابتة في القرآن والسنة.
وقوله عز وجل: ..
وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً ..
حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ ..
والملائكة أصناف ..
منهم من هو موكل بالعبد دائماً ..
ومنهم ملائكة يتعاقبون بالليل والنهار ..
ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ..
فيسألهم -وهو أعلم بهم- كيف تركتم عبادي؟
فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون ..
ومنهم ملائكة فضل عن كتاب الناس يتبعون مجالس الذكر.
وأعمال العباد تجمع جملة وتفصيلاً ..
فترفع أعمال الليل قبل أعمال النهار..
وأعمال النهار قبل أعمال الليل ..
وتعرض الأعمال على الله في كل يوم إثنين وخميس ..
فهذا كله مما جاءت به الأحاديث الصحيحة ..
وأما أنه في كل يوم يتبدل الملكان ..
فهذا لم يبلغنا فيه شيء .. والله أعلم"
أي: الملكين الموكلين بكتابة كل شيء، لا اللذين يأتيان كل يوم.
إذاً هناك ملائكة موكلة دائمة ..
وملائكة متعاقبة يعقب بعضها بعضاً
منقول