الحبيب".. هكذا يطلقون عليه، أو يحب أن يطلق عليه الآخرون!!
ينتسب لـ"آل البيت" ولد وعاش صباه في "المملكة العربية السعودية" لكنه يحمل الجنسية "اليمنية"!! أخذ شهرته من أضواء "القنوات الفضائية" التي فتحت له أبوابها باعتباره من دعاة الوسطية والاعتدال..!!
زار العديد من الدول الإسلامية وغير الإسلامية، حيث يلقي العديد من المحاضرات والدروس ويشارك في الندوات والمؤتمرات!! ورغم أنه اشتهر في مصر.. لكن حكومتها "اعتبرته شخصاً غير مرغوب فيه" على أراضيها!! وطلبت منه المغادرة.. الأمر الذي نال اهتمامات الصحف والمجلات وشغل الحوارات واللقاءات الصحفية والمتلفزة!!
يتهمه خصومه بأنه قبوري متستر وصوفي لبق، وأنه يمارس "التقية" في إظهار انحرافاته الصوفية أمام الجمهور العام!! وهو بدوره ينتقد "السلوكيات الخاطئة" للصوفية.. كما يقول!!
فمن هو "الحبيب" علي الجفري؟! ولماذا كل هذه الضجة الإعلامية حوله؟! وما حقيقة ما يدعو إليه؟! ومن يحاول صناعة شهرته؟! ومن الكاسب من ورائها؟!
في هذا التقرير نجيب عن جانب من هذه الأسئلة، بعيداً عن الاتهام والتشويه والتشهير!! وباذلين الوسع في إبراز شخصية مثيرة للرأي العام، دون الخوض في التفاصيل الدقيقة أو المواضيع الجانبية.
* من هو علي الجفري؟
والده هو عبد الرحمن بن علي بن محمد الجفري، رئيس حزب رابطة أبناء اليمن (رأي)، ساند الحزب الاشتراكي اليمني في محاولة الانفصال التي أشعلت حرب 1994م، وعين نائباً لرئيس حكومة الانفصال علي سالم البيض، فر مع أسرته خارج البلاد، وكان من المطلوبين (قائمة الـ16) للحكومة اليمنية، ومحكوم عليه في القضية الجنائية الجسيمة رقم 5 لسنة 1997م مع بقية أعضاء القائمة، وكانت الأحكام تشمل الإعدام والسجن لفترات ما بين (2-10) سنوات.
ولد "الحبيب" على الجفري في جدة بالمملكة العربية السعودية، في عام 1391هـ -1971م ونشأ في الحجاز حيث كانت تقيم أسرته الفارة من بطش الحزب الاشتراكي اليمني.
تتلمذ الجفري –حسب ما ذكر- على يد عدد من دعاة الصوفية في أرض الحجاز، منهم: عبد القادر أحمد السقاف وأحمد المشهور بن طه الحداد –الذي يدعي الجفري أنه أسلم على يديه 300ألف نسمة(!!)- وأبو بكر العطاس بن عبد الله الحبشي(!!) وكرامة سهيل، وهم جميعاً من أبناء حضرموت النازحين إلى أرض الحجاز نتيجة البطش الذي مارسه الحزب الاشتراكي ضد العلماء والدعاة والأئمة عموماً في جنوب اليمن –سابقاً.
كما تتلمذ على يد أبي بكر المشهور ومحمد علوي مالكي، واتصل بمحمد بن عبد الله الهدار (مفتي البيضاء)، وبإبراهيم بن عقيل بين يحيى (مفتي تعز) وعمر بن محمد سالم بن حفيظ، عميد دار المصطفى بتريم.
ويدرس "الحبيب" الجفري –حالياً- بدار المصطفى بتريم، وهي من الأربطة الصوفية التي يتلقى فيها "المريدون" علم التصوف، ويفد إليها مئات الطلاب من داخل اليمن وخارجه كل عام، ورغم عدم خضوع هذه الدار لمناهج التربية والتعليم إلا أنها تحظى برعاية واهتمام رسمي ولا تزال تعمل رغم إغلاق عشرات المعاهد العلمية لحركة "الإخوان المسلمون" والمعترف بها رسمياً في السابق!!
"الحبيب" الجفري متزوج وأب لاثنين من الأبناء وثلاثة بنات، وله أخ وأخت من أبويه، وبحسب قوله، ينتمي الجفري لأسرة لها اعتناؤها بالدين والاستقامة، وكان بعض أقاربه من أهل العلم والدعوة، لكنها –كما يقول- "اشتغلت مؤخراً بالسياسة"!! وهو ما ينفيه عن نفسه حيث يقول: "لا أنتمي إلى حزب سياسي، وإن شاء الله لن أنتمي إلى حزب سياسي" لكنه –كما يرى- لا يحرم الدخول في هذه الأحزاب!!.
ويصف "الحبيب" الجفري مذهبه فيقول بأنه "سني، وعلى المعتقد (الأشعري) والمذهب (الشافعي)، محب للتصوف في مسلكي"!!
وأما كونه "الحبيب" فهو –على حد زعمه- لفظ اصطلح عليه في حضرموت ينادي به المشتغلون بالعلم والدعوة من "آل البيت".
* الجفري والنموذج العصري لدعاة الصوفية!
تستضيف القنوات الفضائية الحبيب علي الجفري في أكثر من برنامج، تارة محاضراً، وتارة أخرى محاوراً، وكانت بداياته في الظهور على قناة "المحور" المصرية، ومن خلال دروسه التي كان يلقيها في جوامع القاهرة، تميز الجفري (الداعية الشاب) بوسامة شكله وحسن هندامه الذي لا يتكلف فيه، ولين قوله والتبسم الذي لا يفارق وجهه، وهو يحاول الظهور بصفته داعية إسلامياً عصرياً ووسطياً ومعتدلاً!! من خلال لغة خطابه وأرائه التي يطرحها ونقده للمذاهب والتيارات التي يصفها بالتطرف والتشدد!!.
ومن خلال متابعة حواراته الصحفية والفضائية تستشف حرص الجفري على عدم اتخاذ مواقف واضحة إزاء العديد من القضايا وبعده عن مواطن النقد لدول أو أحزاب أو شخصيات.. إما بإجاباته الدبلوماسية أو اعتذاره عن الإجابة أصلاً!! وهو ما حدا بمخالفيه إلى اتهامه بممارسة "التقية" الشيعية في أ قواله والتضليل في إجاباته..
إن كلامه الرقيق ومواعظه الصوفية وهدوئه في الإلقاء –إضافة إلى صفاته التي أسلفنا- وبعده عن تناول القضايا الشائكة جعل منه شخصية محبوبة في الأوساط الاجتماعية ولدى المثقفين. وكما هو ديدن الصوفية.. فإن انتماء الجفري إلى "آل البيت" وجمعه بين الصوفية والعصرنة، وضع عليه هالة من "التضخيم" و"التعظيم"، وتحركاته بين القارات الأربع: آسيا وأفريقيا وأوربا وأمريكا محاولة في صنع هذه الهالة وتوظيفها لصالح "التصوف" الذي يحظى برعاية الأنظمة العربية والولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي بعد أحداث 11سبتمبر.
وزيارة الجفري لدول منغلقة (أمنياً) على الدعاة وتحركه بعد أحداث 11سبتمبر بحرية دليل على مدى قابلية الأنظمة والمجتمع الدولي لخطاب هذا التيار.
وإذا كان الجفري قد زار خلال فترة ظهوره القصيرة بلداناً كبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيرلندا وهولندا وبلجيكا والولايات المتحدة الأمريكية، وآسيوياً: إندونيسيا وعمان والإمارات وقطر والبحرين والأردن وسوريا ولبنان وسريلانكا، وإفريقيا: كينيا وتنزانيا وجزر القمر..
واستضيف في عدد من القنوات الرسمية وغير الرسمية.. كان آخرها قناة "العربية" وله موقع خاص به على شبكة الإنترنت العالمية (www.alhabibali.org).
فهي مؤشرات على مدى نشاط الحركة الصوفية ودعاتها الذين يمثلون وجهها العصراني في عالمنا العربي!!
* "الحبيب" الجفري والصنعة الإعلامية:
الصنعة الإعلامية صنعة تجري وراء الإثارة والأحداث لأنها "مقبلات" بضاعتها التي تروجها للناس، وقد وجدت الصحف والمجلات والفضائيات في حادثة إخراج الداعية علي الجفري من مصر منذ ثلاث سنوات (تقريباً) جانباً من الإثارة!! لأنها أعقبت أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
والقصة تدور حول طلب تقدمت به السلطات الأمنية المصرية إلى الجفري يدعوه إلى مغادرة مصر (عام 2001م)، وقد ترددت الشائعات في حينها حول ضغوط أمريكية على مصر لإخراج الدعاة الجدد الذين أثروا على الأوساط النخبوية في مصر: أمثال عمرو خالد وعلي الجفري!! وذهب آخرون إلى أن السبب وراء إخراج الجفري هو تأثير هؤلاء الدعاة على عدد من الفنانات اللاتي ارتدين الحجاب (والمقصود به تغطية الجسد والشعر مع كشف الوجه واليدين وبقاء الزينة في اللبس إلى حد ما!!) وهو ما أزعج بدوره الأوساط الفنية ومؤسسات الإنتاج والمستثمرين في هذا المجال.. وبدورهم دفعوا باتجاه إخراج هؤلاء الدعاة.
ويذهب البعض إلى القول بأن وراء إخراج الجفري عدد من دعاة الأزهر وعلماء مصر (السنة) الذين يعارضون المذهب الصوفي الذي يروج له.. وهو قول بعيد!!.
وأياً كان السبب وراء إخراجه، فقد كانت الحادثة عاملاً في إبراز "الحبيب" الجفري على الساحة وتسليط الأضواء عليه وعلى أفكاره وشخصيته وتحركاته..
ويربط المراقبون بين ظهور علي الجفري وبين الإسلام الذي ترغب الأنظمة العربية والإسلامية تقديمه وتبنيه عقب أحداث 11سبتمبر التي جعلت التوجه السلفي الجهادي هو التعريف المصاحب لمصطلح "الإرهاب" ومدللين على تفسيرهم هذا بالتقريب الذي تحظى به الصوفية (بعد أحداث 11سبتمبر) لدى الحكومات العربية عبر وزارات الأوقاف والشئون الإسلامية أو التربية والتعليم أو الإعلام!!.
"الصوفية" هي الأخرى، ونتيجة لهذا التقارب بينها وبين الأنظمة.. بل والغرب أحياناً، حظيت باهتمام برامج الفضائيات، وكان بعض هذه البرامج ناقداً وفاضحاً لواقع هذه الحركات الهدامة..!!
وبدأ التناول من برنامج "قبل أن تحاسبوا" على قناة "اقرأ" الفضائية، ثم تجرأت قناة "الجزيرة" لتطرح الموضوع عبر برنامج "سري للغاية" وتبعتها قناة "العربية" مؤخراً وإن كانت أقلهن نقداً!!.
وسرعان ما كفَّرت قناة "اقرأ" كما يبدو عن خطئها باستضافة "محمد علوي مالكي" في دروس ثابته على القناة و"علي الجفري" من خلال حلقات حوارية!! وكذلك فعلت "الجزيرة" باستضافته في إحدى حلقات برنامج "الشريعة والحياة" في 29ديسمبر 2002م، أما "العربية"، وهي المنافس والبديل المرغوب عربياً عن "الجزيرة" فقد استضافت "الحبيب" الجفري في برنامج "إضاءات" في 1ديسمبر 2004م.
"الإنترنت" والوجه الآخر للجفري:
أشرنا إلى أن للحبيب علي الجفري موقع على شبكة الإنترنت، وهو يحتوي على عدة روابط تضم الدروس والحوارات والزيارات والمحاضرات التي يقوم بها الجفري، غير أن الأمر لا يقتصر على موقعه.. فهناك موقع مماثل متخصص في تتبع ما يصفه القائمون على الموقع بأخطاء ومخالفات الداعية علي الجفري، وهو باسم "المجهر" (www.almijhar.net ).
يضم موقع "المجهر" عدة روابط تتحدث عن أخطاء الجفري العقائدية والحديثية والفقهية، وهي تشتمل على مقاطع صوتية أو مرئية تثبت حقيقة هذه الأخطاء والمخالفات على الجفري، وهي كما يقول القائمون على الموقع توضح الوجه الخفي لصوفية"الحبيب" الجفري وضعفه وتدليسه في نقل الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وعلماء الأمة.
وقد امتلأت صفحات المنتديات بالكثير من الردود والانتقادات الموجهة إلى "الحبيب" الجفري، وكذلك الصور والمقاطع التي تظهر الجفري في حالة "الدروشة" التي ينكرها في العلن ويمارسها في السر.
وعلى رغم مطالبة منتقدية –الذين لا تفسح لهم الصحف والمجلات والفضائيات المجال!!- بمناظرته عبر غرف الدردشة والبالتوك حول أرائه التي يطرحها حول القبور والأولياء والاستغاثة بالأموات وكرامات المشيخات الصوفية.. إلا أن الجفري يتهرب منها، محاولاً عدم الدخول في نقاش مع العلماء وطلبة العلم الذين يصفهم بالمتشددين!!
ورفضه هذا اضطر المنتقدين له بإصدار (C.D) خاص عن ما يعتبرونه طعناً في الجفري كداعية يحدث الناس بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وأقوال السلف ومذاهب العلماء، وهو مزود بالصوتيات والصور والمراجع، وقد حاول تركي الدخيل عرض مقاطع منه في برنامج "إضاءات" على قناة "العربية" لولا حالة الذعر التي أصابت "الحبيب" الجفري عند استئذانه في عرضها!!
* الجفري صوفياً:
يفتخر "الحبيب" الجفري بأنه صوفي، وهو يكرر ذلك في لقاءاته وحواراته: "لا أجد حرجاً بأن أقول أن المدرسة التي تعلمت فيها هي مدرسة تصوف"!! لكنه لا يدعي بأنه قد أصبح "صوفياً" لأنها وبحسب تعبيره "مرتبة كبيرة" لم يصل إليها بزعمه!!
وتتجلى صوفية "الحبيب" في قائمة أساتذته الذين تلقى على أيديهم "التصوف" كما يقول ومن هذه القائمة ننتقي شخصية محمد علوي مالكي الذي ولد في مكة المكرمة عام 1367هـ (توفي في رمضان الماضي1425هـ)، وهو من أصل مغربي درس ونشأ في الحجاز، ونال الماجستير والدكتوراه من كلية أصول الدين بالأزهر، وكان يُدرِّس في الحرم المكي قبل أن يعلن أفكاره وعقائده القبورية!!
ألف محمد علوي مالكي عدة كتب دعا فيها إلى تعظيم القبور والتوسل بالأموات والاستغاثة بالأولياء (كما هي عادة القبوريين من الصوفية!!) منها كتاب "الذخائر" و"شفاء الفؤاد" و"مفاهيم يجب أن تصحح".. وغيرها. ورد عليه عدد كبير من علماء الحجاز ونجد، في مقدمتهم الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز –رحمه الله- والشيخ عبد الله بن منيع، والشيخ حمود التويجري، والشيخ أبو بكر الجزائري –رحمه الله- والدكتور علي العلياني والدكتور سفر الحوالي.
وقد اعتبر عدد من هؤلاء العلماء محمد علوي مالكي من دعاة الكفر والشرك والضلالة والبدع، مبينين ذلك من خلال مؤلفاته التي نشرها وتداولها مريدوه داخل وخارج أرض الحرمين، ومن بين تلك الكتب التي ردت على أفكارخ ومعتقداته القبورية (جلاء البصائر في الرد على كتابي شفاء الفؤاد والذخائر) لسمير بن خليل المالكي، و(هذه مفاهيمنا) لصالح بن عبد العزيز آل الشيخ، و(جاءوا يركضون) للشيخ أبو بكر الجزائري.
والجفري مع تتلمذه على علماء التصوف ينتمي للاتجاه الصوفي في اليمن، والذي تمثل دار المصطفى بتريم منبعاً له، وليس ببعيد عنهم قبر النبي هود (المزعوم) وما يجري عنده من الطقوس القبورية سنوياً!!
ويرى الجفري أن "التصوف بمعناه الشامل الذي يعني الحركة والفكر والذوق والهمة والمقصد أساس حل مشاكل الأمة" ويشرح التصوف قائلاً: "هو علم من علوم الشريعة الإسلامية، له تأصيله، وألفت كتب باسمه من القرن الثاني الهجري"!! وبحسب زعمه فإن التصوف، "العلم الذي يُعنى بصلاح القلوب"!! أما ما يسميه "البعض تصوفاً من تصرفات وأوضاع خاطئة من بعض الجهلة" على حسب قوله –دون أن يوضح ماهية هذه التصرفات والأوضاع الخاطئة- فهو يبرأ إلى الله منها!!.
لكن من غير المعلوم، إذا كان الجفري صادقاً في تبرئه منها، وهو الذي يحرص على حضور الموالد المقامة في أكثر من بلد إسلامي "ويزور قبر السيدة زينب والسيدة نفيسة والإمام الحسين رضي الله عنهم" بمصر، كما جاء عنه في مجلة الأهرام العربي المصرية!!.
وينتقد "الحبيب" في حوار مع صحيفة (26سبتمبر) اليمنية موقف الحكومة المصرية من طرده مؤكداً بأنه: "ستظهر لهم حاجة العالم الإسلامي –اليوم- وحاجة الأنظمة الإسلامية إلى أن تتعامل مع التوجه المعتدل"!! ويقصد به التوجه الصوفي الذي بفضله استطاع زيارة الولايات المتحدة الأمريكية بعد أحداث 11سبتمبر، ليحاضر في تسع ولايات أمريكية، ملقياً محاضرات مختلفة (بعضها عن الجهاد!!) في عدد من الجامعات الأمريكية!! (حسب حواره مع صحيفة الثورة اليمنية).
ختاماً:
هذه بعض ملامح شخصية الداعية الصوفي علي الجفري بحسب ما ورد في لقاءاته الصحفية والمتلفزة (والمتوفرة على موقعه الخاص) وبحسب حديث خصومه عنه.. لعلها تكون كافية في إلقاء الضوء على الجفري (الإبن)!!.
منقوووووووووووووووووول