السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا تعليق بسيط عن سالفة دباس وابوه لكثرة ما يشكل فيها مع ان الاخوان ماقصروا في الموضوع الاساسي وكفوا ووفوا لكن هذا زيادة توضيح .
اذا كان اقتتال البادية عند البل وكسبها وتوفير اطيب المراعي وموارد الماء لها في أغلب الاحوال فإن إقتتال الحضر في الغالب على النخل للحصول على مياه السيول وتحويلها لنخلهم حيث أن أغلب القرى الزراعية تكون على ضفاف الاودية لتوفير الماء منها عند هطول الامطار وقد ينشب النزاع بين اشخاص لتوفير الماء للنخل وقد تنشب بين القرى وبعضها بسبب وقوع القريتين أو الثلاث على مجرى وادى واحد .
واما قصة دباس فيقال ان امه توفت وهو صغير وتزوج ابوه زوجة كانت تعامله بقسوة وابوه مشغول بالنخل ولم يكن يلتفت له وبعد ما ضاق دباس من الوضع اللي هو فيه رحل مع ركب رايحين للعراق للتجارة وكان رحيله سرا لان ابوه ما يرضى روحته فتسلل ليلا ورحل مع الركب وكان دباس جذع ونزل في البصرة وهي كثيرة الخيرات في الوقت الغابر والناس في نجد يرحلون للعراق وخاصة للبصرة والزبير لوجود عوائل نجديه فيها فكل ينصى ابن آخيه يضيف عنده ويدور له شغل .
اما ابو دباس فإنه لم يعلم عن رحيل ابنه إلا في الصباح وفاختته الحيله ولم يستتطع يعمل شي ولم يتكلف كثيرا في البحث عنه فالمنفعة من دباس وان لم تعدم فهي قليله لصغره وكون ابوه بين اخوته ومستكفي بهم .
وبعد أن استقر دباس في البصرة ووجد له مصدر رزق وبدأ يجمع النقود أخذ عادة على نفسه أن يرسل لابيه بعض ما يكسب ورساله يخبره فيها عن أحواله وفي بعض الاحيان حين يقل دخله يرسل لابيه رساله للاطمأنان على حاله واخذ على هذه الحال 12 سنة وهو مداوم عليها واما آخر 8 سنين فإنه لم يرسل شيء لان ابيه لم يكن يرسل له ليخبره عن أحواله وكان يظن ان ابنه سيأتيه لا محاله وكان غيابه عن العودة 20 سنة حيث يقول في احد ابياته
عشرين عام كلها ارجيك يـا دبـاس *** مثل الغريـر اللـي تولـع بطيـره
رزق خلالها ابو دباس ابنتين من زوجته ثم بدأ يفقد قوته لكبر سنه وعدم وجود المعين لموت اخوته وعدم وجود من يسانده وكان له هيبه ومجلس رجاجيل حيث انه كريم هذا في قوته اما بعد ان ضعف فإن ابناء عمه بدأو يضايقونه في قسمة السيل وخصوصا عندما يكون قليلا فإنهم يحرمونه من السيل مما سبب ضعف النخل وقل انتاجه فلم تعد نخيله تدخل عليه ما كانت تدخله في السابق ايضا كان ابنه يرسل له بعض النقود ولكن في الثمان سنين الاخيرة فيقول في احد ابياته
هاذي ثمان سنين من رحت يا دبـاس *** لا رسالـة جتنـي ولا مـن بريـره
وابنتيه صغيرات لايستطعن شيء من الحيله وزاد ذلك من مصيبته فاصبح يعيل زوجته وابنتيه ولا يستطيع تركهما لعدم وجود عائل لهما بعد الله الا هو وكان يتمنى أن يذهب لابنه بنفسه من العوده على الصمان الى ان يجعل قارة واره يمينه حتى يصل للبصره ويجتاز النهر كي يعيده ولن يعجزه ذلك مع كبر سنه الا أن هذا السبب جعله يغير رأيه مما قد يقوله حساده عنه لو رحل وترك من يعيلهم حيث يقول في بعض أبياته
أخاف من حكي العدا ثـم الأنجـاس *** أهـل الحكايـا الطايلـه والقصيـره
ويقال خـلا عيلتـه عنـز الـرأس *** أقفـى وخـلا عيلـة لـه صغيـره
والا فأنا يابـوك قطـاع الأرمـاس *** ما نيب مثبـور أو رجلـي كسيـره
آصلك لو دونك نبا حمر الأطعـاس *** الصلب والصمـان ماهـي عسيـره
لأركب على وجنا من الهجن عرماس *** فجا النحر يا دبـاس حمـرا ظهيـره
تنشر من العوده على نـور الأنفـاس *** عند الفجـر والليـل مقفـي مريـره
والعصر با لصمان تسمع لها اضراس *** حبل الرسـن خطـر تبتـر جريـره
نهـار ثالـث بيـن حمـا والأوراس *** واره يمينـك جعلهـا لـك سفيـره
ثـم علـى ساجيـة تقلـب الـرأس *** تمشي بأهلها فـي البحـور الغزيـره
وبعد التفكير لم يجد الا ان يرسل له رساله يخبره فيها عن أحواله من ضيق ذات اليد وقلة المال وتكالب الاعداء عليه حتى انه اصبح يترك حقوقه لهم خوفا منهم وكيف انهم يضايقونه في رزقه وهذا حل الضعيف في نجد في الزمن الغابر حيث يقول
يا دباس ما يصبر على البق والحاس *** الا الـذي مالـه بنـجـد عشـيـره
يا دباس أنا يا بوك ما نيـب بـلاس *** ميـر ان عيـلات الرفاقـه كثيـره
جنبت وسط السوق وامشي مع الساس *** واخذ شوي الحـق وأتـرك كثيـره
ويطلبه فيها ان يأتي الى العوده ليرد له حقوقه المسلوبه ويذكره بماضي اعمامه واجداده المجيد وينقد عليه جلسته في تلك الديار التي رافق رغد العيش فيها بعض الفساد من تنباك وخمر وغيره حيث ان نجد على العموم من أكثر الديار تمسكا بالدين ونبذا للمحرمات والعراق كان به بعض هذه الامور في الجمله فلا يقبل العيش بها إلا من لا يهمه إلا نفسه ولا يتطلع إلى المعالي حيث يقول
فيها الطبيخ وراهي الخبز يـا دبـاس *** يقعـد خـوا الـرأس خنـة خميـره
هي ديرة اللي باغـي كيفـة الـرأس *** ولا له أحد همه مـن النـاس غيـره
هيس ولد هيـس للمواعيـن لحـاس *** يفـرح ليـا نيـدي لذبـح النحيـره
وما قفك ذا يا دباس ما فيه نومـاس *** يصلـح لقيـن مهنتـه طـق زيـره
طلب المعيشه بالحراثـه والأ جنـاس *** المشترى والبيـع يوصـف وغيـره
قم انهض العيرات مـع كـل فـراس *** يـا دبـاس دور خيـر تستشـيـره
جدك وعمانك هـل العـزم والبـأس *** أهل المواجيـب مكمليـن القصيـره
واليوم يا مروي شبـا كـل عبـاس *** أنت الرجا يا كعـام وجـه المغيـره
فكتب هذه الابيات ثم بحث عمن يوصلها فلم يجد الا صلبي لانه شرط شرط انه مايعطيه فلوس لين يوصل الرساله ويرد له خبر دباس وشد الصلبي من عنده ولا وقف الا في البصرة وبدأ يسأل في أماكن تجمع اهل نجد حتى دلوه ولما وصله سلم عليه وقال انا مرسول من ابوك ومعي لك خط منه فجلس دباس وقرا المرسول فلما قرأ محتواه أخذ يبكي فلم يكن يعلم عن ظروف ابيه ولم يصله خبر عنه حيث يقول في احد ابياته
خذلك يمين الشرع قطـاع الأنفـاس *** انـه فـلا جتنـي علـوم بصـيـره
لا نيب جاني منـك حبـر بقرطـاس *** إيضـا ولا جتنـي علـوم سفيـره
واخذ وهلة ثم قال للصلبي باكر تجي في نفس هالمكان واعطيك الرد ويوم جاء من باكر والصللبي ينتظر إلا ودباس جاي وعليه ثوب قديم متشقق ومعه عصا متينه مختومه مع اسفلها واعلاها برصاص وقال له دباس علم ابوي ان حالي مثل ما تشوف من الضيق ماعندي إلا هالثوب وثوب امس وهالعصا عطها ابوي هاذي كل ما املك ومشى من عنده الصلبي رايح لابو دباس ويوم وصله قاله بشر قال الصلبي والله يابو دباس ولدك حالته حاله وعليه ثوب لو يعضه الكلب كان ينغلث وعطاني هالعصى وقال هاذي كل ما املك واخذها ابودباس وقلبها ثم ضربها على الارض وانكسرت وانتثر منها نقود كثيرة ومعها خط فانبهر الصلبي من العصى كيف كانت معه كل هالوقت وما درى عنها وعطاه ابو دباس دراهمه وقرا خط يدباس حيث سلم على ابوه وفيه البشاره من دباس انه في ماقف زين وانه جاي وبياخذ حقه من اللي عالوا عليه حيث يقول
واختص أبوي اللي نفل جملة النـاس *** وخصه بعلـم وقـل ترانـي بشيـره
لا يا نجي العرض يا بـوي لابـاس *** كان تشتكـي الضيـم فأنـا أسيـره
وان سايلك عنـي ترانـي بنومـاس *** وانا أحمد اللي مـا توسلـت غيـره
المدح لو يشـرى شرينـاه بأكيـاس *** بأموالنـا نرخـص نـدور الستيـره
مطرق افرنجـي مضاريبـه الـراس *** ومصلبـخ جبتـه عسانـي ذخيـره
من صنع نصراني مشروبـه الكـأس *** يذكـر ورى جـاوه بعيـد مسيـره
أبغيه للـي حادينـك علـى السـاس *** أهـل النمايـم والحكايـا الكثـيـره
ربع نووا فيـك الـردا والتخسـاس *** مهبول يا اللي قال غايـب عشيـره
علي ديـن لـودع الجمـع ينحـاس *** لطين العشير يقـوم يلعـن عشيـره
ان ما سكنا الدار من غير هوجـاس *** والا نعـاف الـدار ونـور غـيـره
كله لعينـا كلمـة قلـت يـا دبـاس *** تشكي وانا دونـي بحـور غزيـره
اما دباس فبعد رحيل الصلبي شرى له ذلول واخذ ما يملك ورحل عن البصره راجع للعوده ويوم وصل للعوده وقبل لايدخل على ابوه وهو يقوم ويعدل الوضيمه على نخل ابوه ثم قام وصلى ركعتين ودعا ربه ان كان جيته برا في ابوه انه يسيل شعيب العوده ويامر الله السحاب ويهل هاك المطر ويسيل الشعيب الا ان اهل النخل اللي مانعين ابوه عن السيل تباطو السيل فذهب واحد منهم يشوف الوضايم لياها جايها شي ويوم اقبل ولا هذا دباس وهو يعبطه بالسيف ويتبعه الثاني والثالث وكل ما جا واحد يبي يعدل السيل ذبحه دباس
وابودباس في نخيله مادرا الا وبنته تبشره بان السيل دخل على النخل وقال ابو دباس مايصير حنا ممنوعين عن السيل وما توقع ان ولده يجيه بالسرعة ذي ثم قال للبنت شوفي الما هو مخالطه دم لان نظره قد ضعف ويوم ناظرت وهي تصيح ايه مخالطه دم قالها ابشري بدباس .