الدرس الحادي عشر :- العجرفة والغرور
إن العجرفة والغرور تشكّلان خطأ شائعاً ومهماً جداً في التفكير. وإن هاتين الخصلتين ليس فقط من المستحيل التحري عنهما، على أساس من «الخطأ المنطقي» بل وإن الأمر يكون أشد سوءاً لدى استخدام هذا النوع من التمحيص. ويبرز خطأ الغرور حالما يكون ثمة تفسير منطقي، يتسم بالوضوح لأمر ما ويؤخذ هذا حينئذٍ على تفسير صحيح. أما الاتساق المنطقي للتفسير فيبدو كأنه إقرار على صدقه. ويكمن الخطأ في حقيقة أن الرضى عن التفسير يعيق أي بحث عن أي تفسيرات أخرى. وفي نهاية المطاف، إذا حاز المرء على تفسير صحيح منطقي فَلِمَ يجهد نفسه في البحث أبعد من ذلك, ومع ذلك قد توجد تفسيرات أخرى جيدة تماماً مثله، أو ربما أفضل منه ولا توجد طريقة منطقية لإثبات وجوب توافر تفسيرات أخرى تتجاوز التفسير الأول.
ولهذا السبب، فإن هذا خطأ من الصعب جداً قهره، ولن تستطيع الإلحاح على شخص ما كي يمد نظره إلى أبعد ما يميل إليه. ولن يسعك تقديم سبب معقول ليتعين عليه مد نظره إلى أبعد من ذلك في أي حالة خاصة ومع ذلك فإن بوسعك على وجه العموم، بناء قضية تجعله يقوم بذلك، ونتيجة لذلك فإن البرهان في العديد من الحالات لا يزيد في الأغلب عن افتقار إلى الخيال. فلدينا تفسير منطقي يلائم الحقائق، إذ ليس بمقدورنا تخيل تفسيرات أخرى، ومن ثم فإننا نقبل التفسير كما يبرهن عليه. فإذا اقترحنا طرقاً جديدة لتعليم القراءة، ثم أخفقت معايير القراءة، فنصل منطقياً إلى القول إن مردّ الإخفاق هو تلك الطرق الجديدة.
وهناك سببان لهذا النوع الخاص من الخطأ البالغ الأهمية، ويعزى أولهما إلى كونه لا يبدو خطأ على الإطلاق، ومن ثم لا توجد طريقة تجعل المرء يمد نظره إلى أبعد. أما السبب الثاني فمرده إلى وجود طريقة منطقية جلية للإجتهاد، حيث تعيق هذه أي بحث عن طريق أفضل.
وقد يسعنا القول إن تقدم العلم يعود فقط إلى أولئك العلماء الذين تهيأوا عاطفياً لعدم الرضى عن التفسير الراهن، وللبحث عن تفسيرات أفضل. وليست هذه خاصة عقلية فطرية على الإطلاق.
فمن النادر جداً أن يكرهنا عدم الاتساق المنطقي على التفسير الراهن. لكي نتجه إلى الأمام، وعلى النقيض من ذلك فإن الاتساق المنطقي الجلي يعزز غطرستنا وغرورنا.
والى لقاء قريب ان شاء الله في الدرس الثاني عشــ12ــر