((بسبب مسمار ضاعت حدوة الحصان، وبسبب حدوة الحصان ضاع الحصان، وبسبب الحصان ضاع الفارس))
حكمة عالمية -
نشرت جريدة "المدينة" في عددها الصادر في 2003/10/1م ما أثاره قرار إدارة تعليم البنات بالمدينة المنورة - من احتجاج المعلمات - والذي قضى بفصل ما يزيد على 100معلمة في محو الأمية وتعليم الكبيرات حفيظة عدد من المعلمات ووصفوه بالقرار غير المنصف. القرار رفع معدل التوظيف إلى أكثر من 93% من نسبة التقدير العام وبموجبه تم فصل جميع المعلمات اللائي حصلن على تقديرات أقل من هذه النسبة، كما نشرت جريدة "الرياض" في عددها الصادر في 26رمضان 1424هـ أن وكالة وزارة التربية لتعليم البنات قامت بتوظيف عدد من المعلمات كمتعاقدات على بند محو الأمية في قرى بعيدة عن منازلهن وبراتب ضئيل لا يكاد يفي بالأشياء الضرورية.
ونشر أيضاً في الجريدة نفسها في العدد الصادر في 17مايو 2003م أن عدداً من معلمات محو الأمية بمحافظة الطائف أبدين شكواهن عن عدم حصولهن على إكرامية شهر رمضان منذ عامين ماضيين كحال معلمات المناطق الأخرى. كذلك بالنسبة لراتب شهري ذي الحجة إذ لم يتسلمنه كاملاً بينما ذكر في مسيرات الرواتب مكافأة ذي الحجة 2500ريال والصحيح كما ذكرت إحداهن انه تم تسليمهن مبلغاً وقدره 1166ريالاً فقط لا غير وذلك بداية من 1423/12/21هـ، بمعنى أنه قد حسب لهن عشرة أيام فقط.. علماً بأنها إجازة رسمية.. وعند احتجاجهن فوجئن بما يقوله المدير العام لتعليم البنات بالطائف بأن وظيفتهن غير تابعة لقطاع تعليم البنات وإنما هن تابعات لشركة لا يعرفن اسمها حتى إنه ليس لهن الحق في المطالبة..
ترى من المسئول عن صرف مستحقات محو الأمية..
وأين هي الشركة المسئولة عن صرف رواتب معلمات محو الأمية إن كان هناك وجود للشركة؟
والسؤال الأكبر إلى متى تظل مشاكل معلمات محو الأمية بلا حلول؟
وما هي آثار إحساسهن بالظلم على نتاجهن ودورهن في عملية مكافحة الأمية؟
مدخل:
احتفلت (الرئاسة العامة لتعليم البنات) في شوال 1420هـ بجائزة محو الأمية الحضارية لعام 1998م، وكانت قد أنشأت إدارة خاصة لمحو الأمية لمتابعة هذا النوع من التعليم تحولت فيما بعد إلى أمانة عامة، واستمر تطور هذا القطاع حتى بلغ عدد المدارس لمحو الأمية قبل أربعة أعوام ألفين وثلاثمائة واثنتين وأربعين مدرسة في كل أنحاء المملكة.
وقد منحت منظمة اليونسكو من قبل جائزة الملك سيجونغ لمحو الأمية لعام 1996م للإدارة العامة للثقافة والتعليم بالقوات المسلحة لدينا.
أورد هذه الإنجازات لقطاع محو الأمية لأتساءل
كيف يمكن أن نزهو بجهودنا في محو الأمية دون أن نهتم بتطوير المورد البشري المهم في هذه العملية؟
هل قلت تطوير اقصد منح الحقوق أولاً ثم تطوير الإمكانات، إذ لا يمكن لإنسان يقع تحت وطأة الظلم أن يعمل.. أن ينتج فضلاً عن التطوير والإبداع.
ما الذي يجعل قطاع محو الأمية وتحديداً معلماته خارج دائرة اهتمام المسؤولين؟
أو لسن جزءاً من مسؤولية وزارة التربية والتعليم؟
إذن فلماذا كل هذا الصمت عن العمل على إيجاد حلول لمشاكلهن الوظيفية؟
في فترة سابقة تحركت المياه الراكدة
واستطاعت معلمة محو الأمية الحصول على الإجازة الاضطرارية
ولكن ظل هناك الكثير من المشكلات التي لم تحل بعد.
مثلث الأضلاع غير المتساوي:
هذا المضلع مكون من معلمة محو الأمية للتعليم العام الصباحي،
وإدارات التعليم ومكتب التوجيه النسائي، المعلمة في تجديد عقدها يفترض أنها
تحتكم إلى معايير محددة مثل الأداء الوظيفي ولكن الواقع يشهد أن عدداً من هؤلاء المعلمات لم يباشرن حتى الآن عملهن بسبب عدم تجديد العقد.
نحن الآن أمضينا أسبوعين من العام الدراسي وهن لم يعملن بسبب انتظار تجديد العقد!.
وطالبات محو الأمية ينتظرن بلا تعليم ثم نحصل على جوائز تقديرية!!
تجديد عقد المعلمة يحتاج إلى خطاب من إدارة التعليم توصي بذلك حسب الاحتياج.. ورغم الحاجة الماسة في العديد من مدارس البنات للمعلمات.. فقد بلغ عدد المدارس لمحو الأمية قبل أربعة أعوام ألفين وثلاثمائة واثنتين وأربعين مدرسة في كل أنحاء المملكة كما ذكرت آنفاً. إلا أن هذا الخطاب الذي يقدم للإشراف يقضي فترة أسبوعين إلى شهر حبيس أدراج مكاتب الإشراف النسوي وذلك لأن مديرات تلك المكاتب مؤمنات بأنه لا ينبغي إرسال معاملة أو اثنتين أو ثلاث إنما تخزن المعاملة لفترة قد تصل إلى شهر حتى تجتمع كل المعاملات ثم ترسل لإدارة التعليم وكأنه لا وجود لمراسل بين الإدارات التعليمية!!
القضية ليست عدداً بسيطاً من المعلمات بل هي قضية عامة وما نشر على لسان المعلمات عبر جريدة "المدينة" في عددها آنف الذكر خطير إذ إنه اتهام موجه إلى الموجهات لأنهن مخولات بتقييم المعلمة وبالتالي يستطيع التقييم أن يقرر استمرار المعلمة أو فصلها.
ومما ذكرت للجريدة إحدى المعلمات قولها "أنهم يريدون إسكاتنا بما يخططون له في مشروع (مدينة بلا أمية) حيث اشترطوا على المعلمة أن تستقطب 20 دارسة حتى يتم تجديد عقدها وتحصل على راتبها الشهري".
إنني فقط أعجب من الذي يشترط وكيف ولماذا أو ليست معلمة محو الأمية موظفة حكومية من حقها أن تعامل وفق النظام؟
إذن فلماذا كلُّ هذا الظلم؟!!
قضية عدم تجديد عقد المعلمة لا يمكن أن تظل هكذا لأنها ليست إلا دليلاً على استفحال الواسطة وغلبة المحسوبية على النظام هذا إن كان موجوداً.
هناك معلمات يفصلن لأن الموجهة أساءت التقييم وهناك معلمات لا يتم تجديد العقد لهن بسبب سوء الأداء الوظيفي لمكاتب الإشراف النسوي أو إدارات التعليم؟
إذن ماذا بقي للمعلمة من روح حتى تقوم بواجبها الوظيفي؟
راتب معلمة محو الأمية
بلغ عدد المعلمات في مدارس تعليم الكبيرات (8695) معلمة فإذا تساهلت وزارة التربية والتعليم في حل مشكلاتهن فإنها تتحمل سوء الأداء الوظيفي في جزئية منه وما يترتب عليه من ضعف المشاركة النسائية التنموية في جانب التعليم.
ربما من المؤلم أن تعرف أن معلمات محو الأمية يعانين إذ لا يكفي أنهن وان كن جامعيات يتقاضين راتباً لا يتجاوز (2500) للجامعية (2000) لخريجة الثانوية العامة بل إن المسئولات في التعليم يجعلن من هذا الراتب إشكالية لا تنتهي.
هذا الراتب مشكلة بحد ذاته وذلك لما ابتدعه المسئولات سواء في الإشراف أو ما سنه المسئولون في إدارات التعليم إذ أن له مسيرة مرهقة.
فبعد نهاية كل شهر ترفع (المباشرة) وهي عبارة عن ورقة تستلمها معلمة محو الأمية من مديرة المدرسة مختومة بأنها قد داومت هذا الشهر.. وترسل الورقة إلى مكتب الإشراف ثم تضعها مسئولة محو الأمية في الدرج بانتظار أن تتجمع مدارس الابتدائي والمتوسط والثانوي وقد تطول المدة إلى شهور عدة والراتب لا يسلم الا بعد استلام المباشرة..
كما أن الرواتب لا تصرف كل شهر.. وإنما بعد عدة أشهر، ولا تصرف إلا لولي الأمر..
حتى لو أن المعلمة حصلت على خطاب من إدارة التعليم بفتح حساب لها في البنك وتحويل راتبها عليه وحظيت بتعريف من إدارة المدرسة.. إلا أن الراتب لا يمكن أن يوضع في حسابها البنكي وذلك حتى لا يتنافى مع النظام المتبع بأن ولي الأمر هو من يستلم الرواتب.
فقد أود إجابة صريحة من المسئولين في إدارات تعليم البنات بأي حق لا تتسلم معلمة محو الأمية راتبها.. بأي حق يستلمه عنها ولي الأمر فإن شاء منحها إياه أو منعها؟
كلي ثقة بأنه لا نظام ولا قانون لهذه المسألة ولكنها إفرازات قديمة فلما أتت الوزارة كان عليها أن تبقى طويلاً تعاني من تركة ضخمة من القوانين الظالمة بحق النساء في مجال التعليم.
نظام المدارس:
هلا يعرف وزير التربية والتعليم بمشاكل معلمات محو الأمية؟
هل يعرف المسئولون الشرفاء في إدارات تعليم البنات كيف تعامل مشاكل المعلمات؟
هل تعرف الموجهات والمشرفات العادلات ماذا يحدث في مدارس محو الأمية؟ في بعض المدارس تطلب المديرة مبلغ 200ريال من كل معلمة والويل لمن لا تدفع حيث أن كل معلمة حتى تحصل على درجة النشاط كاملة ينبغي لها دفع هذا المبلغ!!هذا التبرع الإجباري من راتب المعلمة يتم لوضع وسيلة تزيين على جدار المدرسة فإذا كان في المدرسة 30معلمة فالمبلغ يكون 6000ريال، فهل يعقل أن تكون ستة آلاف ريال هي ما يصرف للوحات في المدرسة؟!
غضبنا نحن الآباء والأمهات لمطالب المعلمات من أولادنا نقوداً لتزيين الفصل لكن أحداً لم يغضب لمعلمات يدفعن من رواتبهن لتزيين جدران المدرسة!!
هل من الضروري تزيين الفصول والجدران؟!
ألا ننشغل بتنظيف القلوب من إيقاع الظلم بالآخرين؟!
والأقسى والأمر ان على كل معلمة ان تشتري لها كرسياً ومكتباً.. فإن لم تفعل فمصيرها الجلوس على الأرض لتصحيح دفاتر تلميذاتها.
وفي نهاية الشهر لا يبقى من الراتب شيء.
ثم ان معلمات محو الأمية غير مثبتات رغم أن واجباتهن لا تقل عن المعلمة المثبتة رسمياً في كل شيء.... في عدد الحصص، في الريادة، في الأنشطة، وفي المناوبات..
إن دور معلمة محو الأمية الذي تقوم به لا يقل أهمية عن دور المعلمات في بقية المدارس وهي تداوم ست ساعات في اليوم ونصابها من الحصص أسبوعياً لا يقل عن 18- 20حصة. كما أنها تحضر حصص الانتظار والريادة والجمعيات والمناوبة في الصباح وفي الظهر وهي مطالبة بالتحضير وإعداد الوسائل التعليمية ومنح جوائز للطالبات وتوزيع المنهج.
كما ان عدد المناهج لا يقل عن ثلاث أو اربع، بالإضافة الى المواد الشفوية وما يتعلق بوضع أسئلة للطالبات الغائبات والتصحيح.
تساؤلات:
كتبت وعدد من الزميلات الكاتبات عن معاناة معلمات محو الأمية، صار مملاً لنا وللقارئ مثل هذه التساؤلات التي لا تجد إجابة ولا يعبأ أحد ما من المسؤولين بها.
إذن ما الحل؟
إذا كنا ككتاب سنسمع صوتاً يتهدج بالبكاء لأنه ظلم ولا يعرف الى أين المشتكى بعد الله؟
ماذا نفعل اذا كنا سنقرأ حروفاً تصرخ بالمعاناة ورسائل تشرح في ألم كيف هي مرارة الحاجة الى المال واستجدائه رغم انه حق من الحقوق؟
لا استطيع ان افهم كيف تعم الفوضى أرجاء بعض مكاتب التوجيه والإشراف النسوي وبعض إدارات التعليم حتى المرء يعجب إن استمع لبعض تفاصيل مآسي المعلمات في احتكاكهن بالإدارات؟
ولا أكاد أفهم كيف يمكن لمعلمة تطلب مقابلة مديرة مكتب الإشراف ان تذل لساعات انتظار ريثما يفتتح باب مكتب المديرة اذ لا يمكن ان تخبر المديرة بقدوم أي معلمة ما دام الباب مقفولاً!!
هل وصل الاستخفاف بالمواطنات في بعض مكاتب الإشراف النسائي ان يعتقدن انهن فوق القانون؟
لقد استمعت إلى قصص كثيرة ولعلّ لنا حديثاً قادماً عن تجاوزات مكاتب الإشراف النسائي في الأداء الوظيفي، ولعلنا نكون قد خففنا عن المظلومين بعض المهم إن لم نستطع رفع الظلم فعلى الأقل ألّا نساهم في استمراره بالسكوت عن آثاره ومسبباته وجنوده الذين يحسبون أن صوت المظلوم لا يصل وحرقة ألمه ستنطفئ بمرور الزمن.