28-03-2006, 03:36 PM | #1 | ||
|
البدو والحضر سياسيا وأقليميا وتاريخيا وجغرافيا ؟!!
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته العصر الإسلامي العربي الأول من ظهور الإسلام إلى سنة 132هـ نريد بهذا العصر المدة التي كانت فيها الدولة الإسلامية في أيدي العرب وكانت سياستها عربية، ونمهد لذلك بذكر أحوال العرب قبل الإسلام. البدو والحضر البدو أهل البادية والحضر أهل المدن، والبداوة أقدم من الحضارة لأنها أقرب منها إلى الفطرة الطبيعية. فالإنسان كان في أول أدواره بدوياً يحترف الزراعة والفلاحة أو تربية الحيوانات من الغنم والبقر والمعز أو النحل والدود لنتاجها واستخراج فضلاتها. فالبداوة تقوم إما على الفلاحة والزرع أو على تربية الحيوان. فالبدو أهل الفلاحة مضطرون للاستقرار في مواطنهم ينتظرون الغلة وهم سكان القرى والجبال وكانوا قليلين في بادية العرب. وأما أهل الإبل فأشهرهم بدو العرب وهم أكثر ظعناً وأبعدُ في القفر مجالاً من أهل السائمة لأن مسارح التلون ونباتها وشجرها لا تستغني بها الإبل في قوام حياتها عن مراعي الشجر بالقفر وورود مياهه المالحة، فاضطروا إلى إبعاد النجعة والإيغال في القفار. فسكان جزيرة العرب معظمهم من البدو الرحل ولذلك كانت المدن قليلة في تلك الجزيرة ولاسيما في أواسطها وأشهر المدن العربية قبل الإسلام مكة والمدينة والطائف في الحجاز ومأرب وصنعاء في اليمن، وسكانها أخلاط من العرب والفرس واليهود وغيرهم يرتزقون بالبيع والشراء على من يفد عليهم من أهل البادية. وأهل البلد الواحد أو المصلحة الواحدة لابد لهم من مجتمع يجمع بين أفرادهم. والمجتمع يختلف في الأمم باختلاف أحوالهم فبعض الأمم يجمعهم الوطن وآخرون يجمعهم الدين وغيرهم يجمعهم النسب أو اللغة. وقد رأيت أن البدو لا وطن لهم وكانوا قبل الإسلام لا دين لهم فلم يكن لهم ما يجمعهم غير النسب واللغة وهما متلازمان خصوصاً في البداوة. فعني العرب في حفظ أنسابهم وضبطها وتفاخروا بها وبالغوا في استقصائها حتى ردوها إلى الآباء الأولين، وبين القبائل أو أفخاذها أو بطونها أو عمائرها عصبية النسب تجمعها بعضها إلى بعض. وكل من القبائل أو البطون أو الأفخاذ يفاخر سواه بحسنات قومه ويذكر مثالب الآخرين، على أن العرب يجتمعون إلى غير العرب من الفرس أو الترك ويسمونهم (العجم) ويفاخرونهم بالأنساب واللغة ويحتقرونهم وقد شقوا من اسمهم لفظ (الأعجم) للدلالة على الخرس أو أن العجم مشتق من العُجمة فالعجمي عندهم غير العربي والأعجم الأخرس، والأصل في العصبية عند العرب الأبوّة أو الانتساب إلى الأب مثل سائر الأمم الراقية على أن الأمومة كان لها شأن كبير عندهم وكثيراً ما كانت المزاوجة أو المصاهرة سبباً كبيراً للعصبية. وكان للخؤولة شأن عظيم عند العرب قبل الإسلام وأقرب الشواهد عليها نصرة أهل المدينة للنبي (صلّى الله عليه وآله) في هجرته إليهم فإن الخؤولة كانت من أهم أسباب نصرتهم لأن أم النبي (صلّى الله عليه وآله) من بني النجار من الخزرج وهي قبيلة قحطانية وأبوه من قريش وهي قبيلة مضرية، فلما توفي والده ذهبت به أمه إلى المدينة لكي تلتجئ إلى أخواله بني النجار وهم كثيرون وكانوا من أقرب أهلها إلى التدين ـ وقد ترهّب أحدهم في الجاهلية ولبس المسوح وفارق الأوثان واغتسل من الجنابة وهَمّ بالنصرانية ثم أمسك عنها واتخذ بيته مسجداً، فأقامت عندهم على الرحب والسعة ثم ذهبت به إلى أعمامه في مكة وماتت في الطريق، فلما قام بدعوته وقاسى ما قاساه من اضطهاد أعمامه هاجر إلى أخواله في المدينة، وأهلها يعرفون ذلك فيه لأن خؤولة بني النجار جعلت الخزرج كلهم أخواله فلما نزل المدينة رحب به أهلها وكان أول من تبعه منهم أخواله أو من يمت إليهم بقرابة. وكانوا أشد أهل المدينة غيرة عليه ودفاعاً عنه ثم تهافت أهل المدينة إلى مبايعته، وكان رجال السياسة والتدبير من الملوك والقواد يقوّون أحزابهم بالتزوج من القبائل المختلفة فيكتسبون عصبية قبائل نسائهم. الحلف فعمدة العرب في العصبية جامع النسب من الأب ثم الأم على أنهم كانوا يجتمعون بأسباب أخرى كالحلف بين القبائل وهو يشبه المحالفات أو المعاهدات الدولية في هذه الأيام. وأشهر أحلاف الجاهلية حلف المطيبين وحلف الفضول. الاستلحاق ومن توابع العصبية العربية قبل الإسلام الاستلحاق وهو أن يدّعي الرجل رجلاً يلحقه بنسبه وقد يكون عبداً أو أسيراً أو مولى فيسميه مولاه وينسبه إليه، وكانوا يسمون المستلحق (دعيّاً) وقد يكون الرجل دعي أدعياء فيكون هو دعيّاً في رهط، ورهطه دعيُّ في قبيلة مثل بن هرمة فقد كان دعيّاً في الخلج والخلج أدعياء في قريش وكثيراً ما كانوا يستلحقون الرهط أو العشيرة دفعة واحدة لنزولهم فيهم أو لنصرتهم إياهم. ومن أسباب العصبية عندهم مما يشبه الحلف (المؤاخاة) وقد تكون بين القبائل أو بين الأفراد ولا تزال هذه العادة شائعة بين البدو إلى الآن فإذا آخيت العربي أخذ يناصرك ويحميك ويدافع عنك كأنك أخوه. الخلع وضد الاستلحاق عندهم (الخلع) فكان الرجل إذا ساءه أمر من ابنه سواء كان صريحاً أو دعياً خلعه أي نفاه عن نفسه فيتخلص من تبعة ما قد يرتكبه الولد من المكروه وقد تفعل ذلك القبيلة أو العشيرة. وكان الخلعاء في البادية كثيرين يجتمعون ويؤلفون عصابات من الصعاليك يقطعون السبل ويتمردون على القبيلة. وكان في تجار الرقيق من يبتاع الخلعاء ويذهب بهم إلى بلاد الروم. العبيد في الجاهلية الاسترقاق الاسترقاق قديم مثل قدم الإنسان لأن الإنسان مفطور على الاستبداد والقوي يستعبد الضعيف. وكان الإنسان في أول عهد العمران إذا غلب عدوّه وقبض عليه لا يستعبده بل يقتله إلا النساء فقد كانوا يستبقونهن للاستمتاع بهن ثم صاروا يستعبدون الأسرى ويستخدمونهم. والعرب أيضاً كانوا يستخدمون العبيد من أسرى الحرب أو ممن يبتاعونهم من الأمم المجاورة لجزيرتهم كالحبشة وما حواليها من الأمم المتوحشة. فإذا اشترى أحدهم عبداً وضع في عنقه حبلاً وقاده إلى منزله كما تُقاد الدابة. وإذا كان العبد أسير حرب جزّوا ناصيته وجعلوها في كنانتهم حتى يفتدي نفسه. وكان من أصناف العبيد عندهم (القنّ) وهو العبد الذي يعمل بالأرض ويُباع معها. ومن العبيد من يدخل الرق بالمقامرة كما اتفق لأبي لهب مع العاصي بن هشام فإنهما تقامرا على أن يكون من قُمر كان عبداً لصاحبه فقمره أبو لهب فاسترقّه واسترعاه إبله وكانوا يسترقون المديونين أيضاً. الموالي في الجاهلية المولى عند العرب وسط بين العبد والحر والغالب فيه أن يكون عبداً معتقاً فكل عبد أُعتق صار مولى وكل عبد أو أسير أعتقه صاحبه فهو مولى له ويُنسب إليه أو إلى قبيلته أو رهطه. فمولى العباس مثلاً هو مولى بني هاشم وهو أيضاً مولى قريش ومولى مضر. وقد يُنسب المولى إلى بلد مُعتقه فيقال: فلان مولى أهل المدينة أو مولى أهل مكة. والمولى عندهم كالقريب ولكنهم يسمون قرابة الأهل صريحة وقرابة المولى غير صريحة. ويقال له أيضاً: مولى حلف أو اصطناع وذلك أن ينتمي الرجل إلى رجل بالخدمة على اختلاف ضروبها أو بالمحالفة أو المخالطة أو الملازمة على أن يتعاقب ذلك أجيالاً. ومن هذا القبيل أكثر موالي العرب بعد الإسلام فقد كان العرب أهل السيادة والشركة وأهل البلاد يلازمونهم بالخدمة أو المخالطة أو المعاشرة فينسبون إليهم ويسمون ذلك ولاء الموالاة. وللموالي عند العرب أحكام عامة وأحكام خاصة فأحكامهم العامة أن المولى أحطّ منزلة من الحر وأرفع من العبد فهو حرّ لا يباع كالعبد لكنه لا يعامل معاملة الحر في الزواج والميراث فالمولى لا يتزوج حرة وديّة المولى نصف دية الحر كأنه عبد. النُزَّال الأجانب في الجاهلية كان معظم سكان جزيرة العرب من القبائل العدنانية والقحطانية ومن يتبعهم من العبيد والموالي والحلفاء ونحوهم وفيها أيضاً جماعة من النزال نزحوا إليها من الحبشة والشام والعراق ومصر وفارس والهند وفيهم الأحباش واليهود والروم والكلدان والعجم والهنود وغيرهم. وكان بعضهم يتوالدون فيها ويتزوجون بأهلها فيختلطون بهم وتضيع أنسابهم فيهم كالكلدان والسريان وغيرهم. وفيهم من يحالفونهم وينتمون إليهم كاليهود والنصارى ومنهم من يدخلون في جملة عبيدهم ومواليهم كالأحباش والفرس والهنود فتضيع أصولهم. ولذلك كان سكان جزيرة العرب عند ظهور الإسلام عرباً صرفاً إلا بعض اليهود كبني قينقاع والنضير وغيرهم وشرذمات من نصارى الروم وطائفة من الفرس الأحرار يُعرفون بالأبناء. الأبناء هم طائفة من الفرس كانوا يقيمون في بلاد اليمن ويعرفون بأبناء الفرس الأحرار أو (الأبناء) تمييزاً لهم عن الفرس الموالي. وأبناء الفرس الأحرار هم أبناء الجند الفارسي الذي جاء بلاد اليمن لنصرة سيف بن ذي يزن الحميري على الأحباش وكان الأحباش قد فتحوا اليمن واستولوا عليها ففزع سيف المذكور إلى كسرى ملك الفرس واستنجده في حديث طويل فسيّر كسرى معه بضعة آلاف من جند الفرس ومعهم قائد اسمه وهرز. فلما وصل الجيش إلى اليمن جرت الواقعة بينهم وبين الأحباش فاستظهر الفرس عليهم وأخرجوهم من البلاد وملّك سيف بن ذي يزن وهرز أربع سنين. وكان سيف قد اتخذ من الأحباش خدماً فخلوا به يوماً وهو في الصيد وقتلوه وهربوا في رؤوس الجبال فطلبهم أصحابه فقتلوهم جميعاً وتضعضع أمر اليمن ولم يولوا عليهم أحداً من العرب فظلت سيادة الفرس عليهم حتى ظهر الإسلام وفيها عاملان من قواد الفرس أحدهما اسمه فيروز الديلمي والآخر راذويه فأسلما. فأفراد الجيش الفارسي لما استوطنوا اليمن تزوجوا فيها وتناسلوا ورُزقوا الأولاد والأحفاد وعرفوا بالأبناء. واشتهر منهم في صدر الإسلام طاووس بن كيسان أحد أعلام التابعين ووهب بن منبه صاحب الأخبار والقصص. سياسة الدولة في الجاهلية لم يكن للعرب دولة في جاهليتهم إلا ما كان في اليمن من دول التبابعة مما لا يدخل في بحثنا. وإنما نريد بسياسة الدولة عندهم القواعد التي كانت تدور عليها أحكامهم ومعاملاتهم لحفظ علائقهم السياسية وآدابهم الاجتماعية مما يقوم مقام القوانين الإدارية والسياسة الدولية في الأمم المتمدنة. وكان في كل قبيلة بالجاهلية بيوتات تشتهر بالرئاسة والشرف فتمتاز عن سائر القبيلة وتكون الرئاسة فيها كبيت هاشم بن عبد مناف من قبيلة قريش. وقد امتازت هذه البيوتات على قبائلها بالشرف لتوالي ثلاثة آباء منها في الرئاسة على الأقل. ولأهل البيوتات نفوذ على سائر القبيلة. وكان أهل السياسة من رجال المسلمين يلاحظون ذلك في تولية الحكام. والأمير البدوي مع سلطته المطلقة قلما يستبد في أحكامه ويغلب أن يستشير أهل بطانته وخاصته. مناقب العرب في الجاهلية الوفاء على أن العرب قلما كانوا يحتاجون إلى حاكم يفصل في الخصومة بينهم لِما فطروا عليه من المناقب الجميلة التي تقوم فيهم مقام الحاكم الصارم وتنزّههم عن ارتكاب الدنايا مما يغنيهم عن القضاء. وسيد هذه المناقب (الوفاء) لأنه إذا تأصل في أمة أغناها عن القضاء ـ والحكومة إنما تقضي بين الذين لا يعرفون الوفاء ـ . الجوار ومن قبيل الوفاء بالعهد وحفظ الذمام أيضاً (الجوار) فإن البدوي يحافظ على جاره محافظته على نفسه. الأريحية ومن المناقب التي تغني العرب عن الوازع القهري أو القوة الحاكمة (الأريحية). ومرجع ذلك إلى التفاخر بالشجاعة والكرم وحسن الأحدوثة. ومناقب العرب كثيرة كالكرم والضيافة وعلو الهمة مما لا دخل له في موضوعنا. انتهى النقل السؤال من هم العرب تعريفا لتكون تلك الصفات ملكا لهم ؟ نريد تعريفا للعرب هل هم القبيليين ؟ وليسوا كل القبيليين ايضا هل هم كل من بين المحيط الهادر الى الخليج الخادر ومن البحر الابيض الى البحر المرحوم ؟ مع التحية والتقدير والشوق الحار والعطر للجميع أخوكم دوسر التغلبي lesssafaker@hotmail.com
|
||
|
09-04-2006, 10:42 AM | #2 | |||||||||||
|
رد: البدو والحضر سياسيا وأقليميا وتاريخيا وجغرافيا ؟!!
|
|||||||||||
|
03-06-2006, 10:09 AM | #3 | ||||
|
رد: البدو والحضر سياسيا وأقليميا وتاريخيا وجغرافيا ؟!!
مششكور اخوي والله يعطيك العافية
|
||||
|
14-06-2006, 02:23 PM | #4 | ||
|
رد: البدو والحضر سياسيا وأقليميا وتاريخيا وجغرافيا ؟!!
كلامك جميل
|
||
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
إعلانات نصية |
منتديات صحيفة وادي الدواسر الالكترونية | |||