في التاسعة لفت أمي جسدي الصغير بوشاح أطول مني دثرتني بعبائة سوداء ، أخفتني عن أعين الحراس أكبرتني في أعين الناس ، أوصتني أن ألتزم الصمت ... وأن أكبر لبعض الوقت .
حاولت أن تضيف إلى عمري عشرات السنيين . ولتزيد أنوثتي المزعومة لبعض الوقت ألبستني حذاءا ً محشـوا ً بالفلين لأزداد طــولا ً ودفعت إلي بحقيبتها السوداء المكتظة .
وتقدمتني بخطواتها الكبيرة والواثقة بــأن هذا الحــارس الجــاثم أمــام بوابـة زيـارات المرضـى لـن يـلحظ كعبـي المـزعوم ، أو حقيبتي المكتظة بالحلوى لجدتي المريضة الـتي تقبع في الدور الثاني . بل لن يلحظ خطواتي الطفولية تلك المتعثرة .
وصايا أمي تربكني وزخـات نظرات الحارس المتواصلة تقلقني ، هل أكبر حينا ً و أصغر حينا ً ؟
خانة الاختباء الـتي وضـعتني فـيها والدتــي حاصرتني دون أن تشفع لتوسلاتي الطفولـية بأن أبقى حيث أنا .
عند نقطة الالـتقاء لم تتمكن خطواتي الطفولية مـن العـبور ، فتدحرجت مـع أسئلتي الـتي طارت بجناحيها !!
هـناك .. حاولت أن أعرف القبول ، صفقت فسقطت الحقيبة .. وتعثرت عـند أول خطـوة بعـد شكوك الحــارس .. ولوحـت طفولتي بتلك الضــحكة المعــصورة مــن آلام ، بعد تلك الضحكة المفجعة ، لم تحملني قدمـاي فقد أوصـى الطبيـب أن أبقى في المستشفى لبضعة أسابيع لمعالجة كسر مضاعف جـراء تعثري بعـباءة وحــذاء مـرتفع .. لم ترضخا للاختباء .