40ــ مرّ :
هو مرّ الظهران قال البلادي : " وادي مرّ الظهران : يأخذ أعلى روافده من المنحدرات الشرقية لجبل كرا حيث يسيل وادي الكُمّل ــ بضم الكاف وتشديد الميم المفتوحة ــ من وهاد الهدأة ويسيل وادي المحرم من الجبال الواقعة بين جبال عفار وجبل الغمير شرقا وهو ميقات أهل الطائف ومن مرّ به من غيرهم فإذا انحدر سمّي السيل وهو ميقات أهل نجد والمرحلة الثانية من مكّة على نظام القوافل القديمة عن طريق نخلة اليمانية " وقال : " ثمّ يتّجه إلى الشمال الشرقي إلى أن يكون غرب طرف حرّة بسّ الجنوبي فيعدل إلى الشمال الغربي وفي هذه الأثناء ترفده روافد كثيرة وخاصّة من الجهة الشرقية فإذا عدل إلى الشمال الغربي سمّي بُعج ــ بضم الباء وسكون العين المهملة ــ فيرفده واديان كبيران هما : وادي حراض يأتيه من الجهة الجنوبية ويرفد حراضا هذا شعب يقال له سُقام ــ بضم السين ــ يقع في فرعته مكان العزّى الصنم المشهور والثاني وادي بِري ــ بكسر الباء والراء ــ يأتيه من الشرق ثمّ يستمرّ بُعج مع اعتدال إلى الشمال حيث يأتيه من الشرق وادي الزرقاء وهو واد متعدّد الروافد من أهمّها كندة والفيضة والملحاء ومعها طريق حاج العراق القديم ، تسيل كلّها من الجبال الواقعة غرب حرّة بسّ المعروفة ــ الجبال ــ بالخشاش ( خشاش نخلة ) فإذا التقى بُعج بالزرقاء سمّي الوادي نخلة اليمانية وتسمّيه العامة وادي المضيق نسبة إلى عين فيه بهذا الاسم " قال : " وتبعد المضيق 45 كيلا عن مكّة على طريق حاج العراق القديم " ( 348 ) وقال : " يأخذ وادي نخلة اليمانية أعلى روافده من الهدأة ومن البهيتة ( البوباة قديما ) قرب السيل " قال : " فإذا التقت النخلتان أسفل جبل داءة سُمّي وادي الزبارة " قال : " ويمرّ الوادي على بعد 22 كيلا شمال مكّة " ( 349 ) وقد كان وادي مر الظهران من منازل بني سعد قال أبو وجزة السعدي ( ت 130 هــ ) :
عفت مرّ من أحياء سعد فأصبحت ***** بسابس لا نار ولا نبح نابح ( 350 )
قال عرّام : " مرّ : القرية ، والظهران هو الوادي " ( 351 ) وقد أضاف شمْر بن حمدويه ( ت 255 هــ ) لمعلوماتنا إضافة نفيسة جدّاً حين أكّد وجود بني سعد بن بكر في عهده في بطن مرّ قال الأزهري في ذكر نبتة الأرينة : " قرأت بخطّ شمْر في حديث استسقاء عمر : حتى رأيت الأرنبة تأكلها صغار الإبل ، قال شمْر : روى الأصمعي هذا الحديث عن عبد الله العمري عن أبي وجزة ، قال شمْر : قال بعضهم : سألت الأصمعي عن الأرنبة فقال نبت ، قال شمْر : وهو عندي الأرينة سمعت ذلك في الفصيح من أعراب سعد بن بكر ببطن مرّ قال : ورأيته نباتا يشبه الخطمي عريض الورق قال شمْر : وسمعت غيره من أعراب كنانة يقولون هو الأرين وقالت أعرابية من بطن مر : هي الأرينة وهي خطمينا وغسول الرأس ، قلت : وهذا الذي حكاه شمْر صحيح والذي روي عن الأصمعي أنه : الأرنبة من الأرانب غير صحيح وشمر متقن وقد عني بهذا الحرف فسال عنه غير واحد من الأعراب حتى أحكمه والرواة ربّما صحّفوا وغيّروا ولم اسمع الأرنبة في باب النبات من أحد ولا رايته في نبوت البادية وهو خطا عندي واحسب القتيبي ذكر عن الأصمعي أيضا الأرنبة وهو غير صحيح " ( 352 ) ، قال ابن الأثير : " الذي عليه أهل اللغة أنّ اللفظة إنّما هي الأرينة بياء تحتها نقطتان وبعدها نون " ( 353 )
قلت : لفظة الأرينة هي لفظة بني سعد بن بكر بن هوازن فقد روى الأصفهاني بسنده عن أبي وجزة السعدي يزيد بن عبيد عن أبيه عبيد خبر استسقاء عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال عبيد ( أبو أبي وجزة ) : " ... فما برحنا حتى نشأت سحابة وأظلّتنا فسقي الناس وقلدتنا السماء قلدا ، كل خمس عشرة ليلة ، حتى رأيت الأرينة تأكلها صغار الإبل من وراء حقاق العرفط " وفي رواية : " حتى رأيت الأرينة خارجة من حقاق العرفط تأكلها صغار الإبل " ( 354 ) فيما هي عند أعراب كنانة الأرين
قلت : ونصّ شمْر بن حمديه نصّ نفيس جدّاً يبيّن أن بني سعد بن بكر كانوا ينزلون بطن مرّ إلى جانب كنانة وقد أفادنا هذا النصّ أنّ بني سعد الذين يقطنون بطن مر هم بنو سعد بن بكر وقد أخذ عنهم شمْر وعن غيرهم من أعراب كنانة لفظة الأرينة ، وبطن مرّ موضع بين النخلتين قال ياقوت الحموي : " بطن مرّ بفتح الميم وتشديد الراء : من نواحي مكة عنده يجتمع وادي النخلتين فيصيران واديا واحدا " ( 355 ) وعنده بستان ابن معمر قال ياقوت الحموي : " بستان ابن معمر : مجتمع النخلتين النخلة اليمانية والنخلة الشامية وهما واديان والعامة يسمّونه بستان ابن عامر وهو غلط " ( 356 ) والنخلتان عن يمينه وشماله قال السكري : " عن يمين بستان ابن عامر وشماله نخلتان يقال لهما النخلة اليمانية والنخلة الشامية " ( 357 ) وقال ياقوت الحموي في ذكر النخلتين : " يجتمعان ببطن مرّ وسبوحة " وقال : " مجتمعهما البستان وهو بين مجامعهما فإذا اجتمعتا كانتا واديا واحدا فيه بطن مرّ " ( 358 ) وقال في ذكر نخلة اليمانية : " يجتمع بوادي نخلة الشامية في بطن مرّ وسبوحة واد يصبّ باليمامة على بستان ابن عامر وعنده مجتمع النخلتين وهو في بطن مرّ " ( 359 ) ويحجز بين النخلتين جبل داءة قال ياقوت الحموي : " داءة بوزن داعة : اسم للجبل الذي يحجز بين نخلتين الشامية واليمانية من نواحي مكة " ( 360 ) حيث تلتقيان بأسفله قال البلادي : " التقت النخلتان أسفل جبل داءة " ( 361 ) وبين بطن مرّ ومكة المكرمة ثلاثة عشر ميلا ( 362 )
قلت : ونصّ شمْر بن حمدويه ( ت 255 هــ ) يهدم ما قد يفهمه البعض من أنّ شعر أبي وجزة السعدي ( ت 130 هــ ) يعني أنّ بني سعد غادروا هذه الأنحاء فكون ديارهم عفت منهم عند نظمه للقصيدة فإنّ هذا لا يعني هجرتهم نهائيا منها فمعلوم أنّ القبائل تنتجع من منطقة إلى أخرى في مواسم الربيع فلعلّ نظمه لتلك القصيدة كان عند انتجاعهم من تلك الأنحاء إلى أنحاء اخرى كما كانت تفعله كثير من القبائل إلى عهد غير بعيد
41ــ مشارق بلاد مكة المكرّمة
قال أبو زيد البلخي : ( ت 322 هــ ) وإلاصطخري ( ت 346 هــ ) وابن حوقل ( ت 367 هــ ) والإدريسي ( ت 560 هــ ) : " ... وأما نواحي مكّة فإنّ الغالب على نواحيها ممّا يلي المشرق بنو هلال وبنو سعد في قبائل من هذيل وفي غربيّها مدلج وغيرها من قبائل مضر " ( 363 ) ونصّ أبي زيد البلخي ومن تبعه يعني أن بني سعد يحلّون المنطقة بين هذيل غربا وبني هلال شرقا فهم يجاورون هذيلا في سراة عروان قال البيهقي : " سراة هذيل متّصلة بجبل غزوان الذي يتّصل به جبل الطائف " ( 364 ) ونقله ابن خلدون ( 365 ) وكانت ديار هذيل تمتدّ من عروان إلى رهاط في شمال شرق مكّة ويلي بني سعد شرقا بنو هلال كما تقدّم بيانه
قلت : ومّما سبق بيانه يتبين لنا أن ديار بني سعد تقع جنوب ديار هذيل ثمّ إلى الشرق منها في سراة عروان ثم تمتدّ شمالا بين ديار بني هلال شرقا وديار هذيل غربا
قلت : ومن أخبار بني سعد في مشارق بلاد مكة المكرمة خبر بني غويث في النصف الثاني من القرن الرابع للهجرة وقد مرّ ذكره في حديثنا عن قرّان وهذا يعني أنّ بني سعد الذين في مشارق بلاد مكّة المنكرّمة هم بنو سعد بن بكر بن هوازن وهناك خبر آخر لهم يعود لعام 875 هــ قال النجم عمر بن فهد في ذكر حوادث سنة 875 هــ في ذكر الشريف محمد بن بركات بن حسن بن عجلان : " فيها في يوم الجمعة سادس عشري صفر قرئت مراسيم " قال : " وفي هذا اليوم سافر الشريف وعياله وعسكره إلى الشرق وسمع أن نيّته أن يصالح عرب بني سعد وغاب ببلاد الشرق نحو ثلاثة أشهر وعاد بالسلامة " ( 366 ) وقد أورد عز الدين بن فهد هذا الخبر ( 367 )
42ــ موظب
قال ابن منظور : " موظب : بفتح الظاء : أرض معروفة وقال أبو العلاء : هو موضع مبرك إبل بني سعد مما يلي أطراف مكّة " ( 368 ) وقال الفيروز ابادي في ذكره : " موظب كمقعد : موضع قرب مكّة " ( 369 ) وقال الزبيدي : " أرض معروفة وقال أبو العلاء هو موضع مبرك إبل بني سعد قرب مكّة المشرّفة " ( 370 ) وديار بني سعد تقع إلى الشرق من مكّة المكرّمة كما تقدّم بيانه
43ــ وادي نخب
يقع وادي نخب شرقي الطائف وقد عمّه عمران الطائف ، قال البلادي في ذكر وادي نخب : " وادٍ يمرّ شرق الطائف يستسيل القراحين وجبال جنوب الطائف ويتجه شرقا حتى يصبّ في وادي ليّة عند خدّ الحاج يقطعه الطريق من الطائف إلى الجنوب على 6 أكيال " ( 371 ) وسكّانه فرع من بني سعد وهم بنو وقدان قال المرجاني وكان في الطائف سنة 754 هــ في ذكر وادي نخب : " وهو الآن قرية يسكنها جماعة من عتيبة يقال لهم وقدان " ( 372 ) وهم فرع من بني سعد ، قال الشريف محمد بن منصور : " رأيت أنا بنفسي عند بعض وقدان وثيقة قديمة لمزرعة من مزارع الزيابقة بوادي المعدن يعود تاريخها على ما أتذكر إلى القرن العاشر الهجري ينعت المالك بها بعد ذكر اسمه بالوقداني السعدي وهذا يؤيد نسبهم في بني سعد " ( 373 ) وهذه الوثيقة مؤرخة بسنة 913 هــ ( 374 ) ، قال شاعرهم بديوي الوقداني :
أنا عتيبي عريب الجد والخال
44ــ وادي نخلة
ذكر الهمداني ( ت بعد 360 هــ ) أنّ منازل هوازن تمتد إلى نخلة فقال: " كل هذه البلاد من تبالة إلى نخلة ديار هوازن فيها من كل بطونها " ( 375 ) وهم يجاورون هذيلا في ديارهم قال إبن شبّة ( ت 262 هــ ) في ذكره منازل قبائل مدركة : " صارت مدركة بناحية عرفات وعرنة وبطن نعمان ورحيل وكبكب والبوباة وجيرانهم فيها طوائف من أعجاز هوازن " ( 376 ) لا سيّما بنو سعد بن بكر وديار مدركة هذه نصّ الهمداني على أنّها ديار هذيل بن مدركة قال الهمداني : " منازل هذيل عرنة وعرفة وبطن نعمان ونخلة ورحيل وكبكب والبوباة وأوطاس " ( 377 ) وقد نصّ لغدة ( ت 310 هــ ) على أنّ وادي نخلة من منازل هذيل ( 378 ) وقد نصّ على أنّ بني سعد هم الذين يجاورون هذيلا في الديار قال لغدة ( ت 310 هــ ) في ذكر بني سعد بن بكر : " هم جيران هذيل " ( 379 ) وقد تبيّن لنا أنّ الذين يجاورون هذيلا في هذه الأنحاء من أعجاز هوازن هم بنو سعد بن بكر ومن منازل بني سعد في وادي نخلة : الزيمة ومرّ والأعوص وخيف ذي القبر وأبام وأبيّم والمجمعة وقينة ويسوم وقد ذكرنا كلاّ منها في رسمه
45ــ نسر
قال أبو وجزة السعدي
باجماد العقيق إلى مراخ ***** فنعف سويقة فنعاف نسر ( 380 )
قال نصر السكندري في ذكر النسر : " جبل تهام أحسبه مما يلي ذات عرق بينها وبين مكة " ( 381 ) ومراخ موضع عند المزدلفة قال ياقوت الحموي : " المراخ : موضع قريب من المزدلفة وقيل هو من بطن كساب جبل بمكة " ( 382 ) ويعرف ذو مراخ بالمريخيّأت قال البلادي : " يطلق هذا الاسم اليوم على جميع الجبال الواقعة بين مزدلفة وعرنة جنوب مزدلفة ومن جبل نمرة إلى الحسينية غربا وما تخلّلتها من شعاب وسهول " ( 383 ) وأمّا كساب فهو جبل في جنوب مكة المكرّمة قال البلادي في ذكره : " جبل بطرف وادي عرنة من الجنوب بينهما جبلة ، يبعد جنوب مكة ب 16 كيلا " ( 384 ) وقد جاء ذكر سويقة مقترنا بمعشر من ديار جشم قال دريد بن الصمّة الجشمي :
تأبّد من أهله معشر ***** فحزم سويقة فالأصفر
فجزع الحليف إلى واسط ***** فذاك مبدى وذا محضر ( 385 )
قال البكري في ذكر معشر : " موضع في ديار بني جشم رهط دريد بن الصمّة " ( 386 )
46ــ يسوم
يسوم موضع من مواضع وادي نخلة قال أبو وجزة السعدي :
يزيف يمانيّه لأجزاع بيشةٍ **** ويعلو شآميه شرورى وأظلما
وسرنا بمطلول من اللهو ليّنٌ ***** يحطّ إلى السهل اليسومي اعصما ( 387 )
وهذه المواضع من بلاد بني سعد واليسومي نسبة إلى يسوم ويسوم جبل من جبال السراة بنخلة قاله البكري ( 388 ) وقال البلادي : " المعروف اليوم يسومان : جبلان أسودان متقابلان يسمّى الشمالي منهما يسوم سمر ويسمّى اليماني وهو الأشهر والأكبر يسوم هلال وسمر وهلال شعبان هناك يبعد اليماني عن مكة 63 كيلا على الطريق إلى الطائف وهي المسمّاة طريق اليمانية وسيل نخلة بين الجبلين وكان يسوم يقرن مع فرقد وفرقد مجاور ليسوم " ( 389 ) وقال الجاسر في ذكرهما : " هما في أعلى نخلة اليمانية يشرفان على قرن المنازل بلدة السيل محلّ الإحرام " ( 390 ) وقد كان بنو سعد يقطنون هذه الأنحاء منذ عهد مبكّر جدا فقد اتخذوا عبادة العزى في وادي نخلة في الجاهلية قال الأزرقي : " كان العزّى ثلاث شجرات سمرات بنخلة " ( 391 ) وقال الكلبي : " كانت بنو نصر وجشم وسعد بن بكر وهم عجز هوازن يعبدون العزى " ( 392 )
47ــ اليمن
روى ابن عساكر بسنده عن عطية بن عروة السعدي قال : " قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس من بني سعد بن بكر وكنت أصغر القوم فخلفوني في رحالهم ثم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى من حوائجهم ثمّ قال : " هل بقي منكم أحد ؟ " قالوا : يا رسول الله غلام منّا خلفناه في رحالنا وأمرهم أن يبعثوني إليه فأتوني فقالوا : أجب رسول الله فأتيته فلما رآني قال : " ما أغناك الله فلا تسأل الناس شيئا فإن اليد العليا هي المنطية وإنّ اليد السفلى هي المنطاة وإن مال الله مسؤول ومنطى " قال ويكلمني رسول الله بلغتنا " ( 393 ) وفي رواية لابن شبّة " ... فكلّمني بلغة قومي وهم بنو سعد " ( 394 ) والحديث رواه البيهقي ( 395 ) وأنطى بمعنى أعطى وهي لغة بني سعد بن بكر قال الزبيدي : " أنطى لغة في أعطى قال الجوهري هي لغة اليمن وقال غيره هي لغة سعد بن بكر والجمع بينهما أنه يجوز كونهما لهما نقله شيخنا عن شرح الشفاء ، قلت : هي لغة سعد بن بكر وهذيل والأزد وقيس والأنصار يجعلون العين الساكنة نونا إذا جاورت الطاء " قال : " وهؤلاء من قبائل اليمن ما عدا هذيل " ( 396 )
قلت : القبائل المذكورة قحطانية يمانية النسب والدار ما عدا هذيل وبني سعد وقيس وقد نزل الأنصار من القحطانية المدينة المنوّرة ، ومعنى قول الزبيدي أن بني سعد من قبائل اليمن أي أنها يمانية الدار واليمن عند القدماء كل ما جاوز مكّة المكرّمة والطائف جنوبا وقد كان العرب يعدّون ما كان إلى الجنوب من مكّة من بلاد اليمن ومن ذلك عدّهم وادي الليث من اليمن فقد كان يعدّ في مصطلح القدماء من بلاد اليمن قال نصر السكندري ( ت بعد 561 هــ ) والحازمي ( ت 584 هــ ) في ذكر وادي الليث : " الليث من اليمن " ( 397 ) وقال ياقوت الحموي ( ت 626هــ ) : " الليث في أول أرض اليمن " ( 398 ) وقال السخاوي ( ت 902هــ ) :" الليث من بلاد اليمن " ( 399 ) وهو واقع الحال إلى اليوم قال الشيخ العلامة حمد الجاسر رحمه الله تعالى : " بادية مكة وما حولها يطلقون اسم الشام على ما هو واقع شمال مكة واليمن على ما هو واقع جنوبها ومن ذلك تقسيمهم قبيلة هذيل إلى هذيل الشام وهذيل اليمن يعنون هذيلا الساكنين شمال مكة وهذيلا جنوبها " ( 400 ) وقال الشيخ عاتق بن غيث البلادي : " الأقدمون يطلقون اليمن على كل ما حازت مكة جنوبا " ( 401 ) وكذلك حال منطقة جنوب الطائف حيث نجد أنّ هذيل الطائف يعدّون من هذيل اليمن ، قال الموسوي في رحلته : " لما كان يوم الجمعة بعد الزوال لتسع بقين من شوّال عام ألف ومائة وواحد وأربعين خرجنا من الطائف قاصدين يمن الحجاز فأتينا على أرض ليّة " ( 402 ) وطريقه هذا يتّجه نحو سراة بني سعد جنوبا أي أن بلاد بني سعد في السراة تعدّ من اليمن اصطلاحا وقد بيّن لنا ابن فضل الله العمري ( 700 ــ 749 هــ ) نقلاٍ عن الإدريسي ( ت 560 هــ ) أنّ ديار بني سعد هي في بلاد اليمن فقال: " بلاد الحجاز ممتدّة من حلي ابن يعقوب في الجنوب إلى مدينة الجار في الشمال آخذة من جزيرة العرب في الجنوب على منازل سعد وهذيل " ( 403 )
قلت : هذا نصّ نفيس جدا للغاية حدّد فيه الإدريسي بلاد الحجاز من وجهة نظره فذكر أنها تمتدّ من حلي ابن يعقوب الواقعة على نحو 8 أكيال عن ساحل البحر إلى الجنوب من مكّة المكرّمة على نحو 405 أكيال إلى الجار ميناء المدينة المنوّرة قديما الواقعة على ساحل البحر الأحمر على نحو 200 كيل عن المدينة وقد بيّن الإدريسي أنّ هذه المنطقة إبتداءا من حلي ابن يعقوب تشمل بلاد سعد فهذيل ومن المعلوم أن بلاد بني سعد تقع إلى الجنوب من بلاد هذيل في المنطقة الواقعة إلى الجنوب الشرقي من مكّة المكرّمة في السروات وفي جنوب الطائف أي فيما يعرف بيمن الحجاز ، وقال ابن فضل الله العمري يذكر ديار بني سعد في شمال شرق مكّة المكرّمة نقلا عن الإدريسي : " وبين منازل سعد وهذيل وشمالي نجد بلاد اليمامة " ( 404 )
قلت : تكمن أهمية نصّي الإدريسي أنّه ذكر ديار بني سعد في زمانه وهو النصف الثاني من القرن الخامس للهجرة والعقود الستة الأولى من القرن السادس للهجرة ونقل ابن فضل الله العمري لهذا النصّ وهو العلامة الجغرافيّ النسّابة وهو من أعلام القرن الثامن للهجرة ( 700 ــ 749 هــ ) يعني استقرار بني سعد في هذا الديار على مرّ القرون وهو يتّفق مع ما ذكره الهمداني عن وجودهم في سراة عروان ، وقد طغى اسم بني سعد على بلادهم في اليمن في سراة بني شبابة في جنوب الطائف فعرفت سراة شبابة باسم سراة بني سعد وهي من أشهر سروات بلاد الطائف قال الفاسي ( ت 832 هـ ) في ترجمة شيخ الحرم عبد بن أحمد الهروي ( ت 434هــ ) : " سكن عند العرب وتزوج عندهم بالسراة سراة بني سياه " قال : " وهي سراة بني سعد بجهة بجيلة بمجرى وما حولها من بلاد بني سعد " ( 405 ) ، سياه تصحيف شبابة
قلت : وقد كانت المنطقة الواقعة إلى الجنوب من الطائف حيث تقع بلاد بني سعد تعدّ من اليمن ومن بطون بني سعد التي عرفنا وجودها هناك غويث الذين تقدّم نصّ عرّام بشانهم وخبر الشريف الرضي معهم وقد تقدّم نصّ الهمداني بان ديار هوازن تمتدّ من تبالة إلى نخلة وهذا يشمل منطقة جنوب الطائف ومن أخبارهم هناك أنّه حينما أغار أبو بردة بن هلال بن عويمر أخو بني مالك بن أفصى بن حارثة أخوة خزاعة على هوازن في بلادها لقي عمرو بن عامر بن ربيعة بن صعصعة وبني نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن فهزمت هوازن وسبى أبو بردة بعض نساء هوازن وكان منهن صخرة بنت أسماء بن الضريبة النصري ( 406 ) من بني نصر بن سعد بن بكر كما ذكره المسعودي
قلت : يفيدنا هذا النصّ أن دار بني نصر بن معاوية بن بكر وبني سعد بن بكر واحدة ويدلّ على هذا أيضا ما قاله ابن شبّة في ذكر نزول بعض بطون مزينة في المدينة المنوّرة حيث قال : " ونزل معها في هذه المحلّة بنو شيطان بن يربوع من بني نصر بن معاوية وعدوان بن عمرو بن قيس .... وسعد بن بكر بن هوازن " قال : " فهؤلاء الذين نزلوا مع مزينة ودخل بعضهم في بعض وإنّما نزلوا جميعا لأنّ دارهم في البادية واحدة " ( 407 ) والديار التي تجمع بني نصر وعدوان هي منطقة جنوب الطائف ويفهم من هذا أنّ بني سعد كانوا يشاركون بني نصر وعدوان سكناهم في جنوب مدينة الطائف فقد كان بنو نصر يقطنون في ليّة إلى الجنوب من الطائف قال البكري : " لية : هي دار بني نصر " ( 408 ) وأمّا عدوان فهم جيران هذيل في جبالهم في السراة قال البكري : " كانت لهذيل جبال من جبال السراة " وقال " جيران هذيل في جبالهم فهم وعدوان ابنا عمرو بن قيس عيلان " ( 409 ) وقال ياقوت الحموي : " معدن البرم هو السراة الثانية وهو في بلاد عدوان " ( 410 ) وقال ابن الفقيه الهمداني : " معدن البرم هي السراة الثانية بلاد عدوان في برية العرب " ( 411 ) وتفيدنا بعض الروايات أن إحدى وفادات بني سعد التي كان فيها عطية السعدي رضي الله عنه كانت مع ثقيف قدموا سوية ففي حديث رواه ابن شبّة بسنده عن عروة بن محمد عن أبيه عن جدّه : أنّه قدم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في وفد قومه ثقيف ... الحديث ( 412 )
وقد وهم من قال أنّ ابرق العزّاف وحمامة من مواضع بني سعد ، قال البكري : " يقال أبرق العزّاف وأبرق الحنّان واحد لأنهم يسمعون فيه عزيف الجنّ " وقال : " قال الخليل : العزّاف رمل لبني سعد " ( 413 ) ومن مواضعه حمامة وهو من منازل بني سعد قال البكري : " حمامة على لفظ الطائر : ماء لبني سعد بن بكر بن هوازن بأبرق العزّأف " ( 414 ) وأبرق العزّاف يقع شرق المدينة قال البلادي في ذكره : " .... شرقي المدينة وكان يسمى أبرق العزّاف ويقال له اليوم أبرقية " ( 415 )
قلت : القول بانّ ابرق العزّاف من منازل بني سعد بن بكر بن هوازن لا يصحّ فهذه ديار فزارة ولا وجود لهوازن في هذه الأنحاء بل هي ديار غطفان أصل فزارة والصحيح أنّه من منازل بني سعد بن بكر من فزارة وليسوا سعد بن بكر بن هوازن قال ياقوت الحموي : " أبرق الحنّان ... هو ماء لبني فزارة " ( 416 )
( 348 ) أودية مكّة المكرّمة ، ص 8 و 9
( 349 ) المصدر السابق ، ص 10 و 11
( 350 ) شعر أبي وجزة السعدي ، ص 50 و 69 و 115 ، العرب ، سنة 28 ، ص 59
( 351 ) معجم البلدان : مرّ
( 352 ) تهذيب اللغة : أرن ، لسان العرب : أرن ، رنب ، تاج العروس : رنب ، أرن ، مرويّات شمر بن حمدويه اللغوية ، ص 147
( 353 ) النهاية في غريب الحديث ، ج 1 ، ص 45 ، لسان العرب : رنب ، تاج العروس : رنب
( 354 ) الأغاني ، ج 12 ، ص 440 و 441 ، وأنظر : النهاية في غريب الحديث ، 1 ، ص 45 ، غريب الحديث ، ج 1 ، ص 321 ، الشعر والشعراء ، ص 469
( 355 ) معجم البلدان : بطن مر
( 356 ) المصدر السابق : بستان ابن معمر
( 357 ) المصدر السابق: نخلتان
( 358 ) المصدر السابق: نخلة الشامية
( 359 ) المصدر السابق : نخلة اليمانية
( 360 ) المصدر السابق : داءة
( 361 ) قلب الحجاز ، ص 13
( 362 ) المناسك ، ص 465
( 363 ) في شمال غرب الجزيرة ، ص 183 ، مسالك الممالك ص 22 ، صورة الأرض ص 41 ، نزهة المشتاق ، ج 1 ، ص 145
( 364 ) نشوة الطرب ، ج 1 ، ص 408
( 365 ) تاريخ ابن خلدون ، ج 2 ، ص 367 ، قلائد الجمان ص 133
( 366 ) إتحاف الورى بأخبار أم القرى ، ج 4 ، ص 523 ، وأنظر الدر الكمين بذيل العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين ، ج 1 ، ص 110
( 367 ) غاية المرام ، ج 2 ، ص 515
( 368 ) لسان العرب : وظب
( 369 ) القاموس المحيط : وظب
( 370 ) تاج العروس : وظب
( 371 ) معجم معالم الحجاز ، ج 9 ، ص 34
( 372 ) إهداء اللطائف ، ص90 و 91
( 373 ) قبائل الطائف وأشراف الحجاز ص 98
( 374 ) العرب ، سنة 40 ، ص 658
( 375 ) صفة جزيرة العرب ، ص 385
( 376 ) معجم ما أستعجم ، ج 1 ، ص 88
( 377 ) صفة جزيرة العرب ص 288
( 378 ) بلاد العرب ، ص 23
( 379 ) المصدر السابق ، ص 13 ــ 14
( 380 ) شعر أبي وجزة السعدي ، ص 142 ، معجم البلدان : رسم نسر
( 381 ) الأمكنة والمياه والجبال والآثار ونحوها المذكورة في الأخبار والأشعار ، ص 551
( 382 ) معجم البلدان : رسم مراخ
( 383 ) معجم معالم الحجاز ، ج 8 ، ص 118
( 384 ) المصدر السابق ، ج 7 ، ص 216
( 385 ) معجم ما أستعجم ، ج 3 ، ص 769
( 386 ) المصدر السابق ، ج 4 ، ص 1243
( 387 ) شعر أبي وجزة السعدي ، ص 161 ــ 162
( 388 ) معجم ما أستعجم ، ج 1 ، ص 8
( 389 ) معالم مكّة التأريخية والأثرية ، ص 226 ، وأنظر معجم معالم الحجاز ، ج 10 ، ص 22
( 390 ) الأماكن ، ج 1 ، حاشية ص 307
( 391 ) أخبار مكّة ، ج 1 ، ص 126
( 392 ) المصدر السابق ، ج 1 ، ص 127
( 393 ) تاريخ دمشق ، ج 42 ، ص 233
( 394 ) تاريخ المدينة المنوّرة ، ج 2 ، ص 514
( 395 ) السنن الكبرى ، ج 4 ، ص 332 ، حديث رقم 7884
( 396 ) تاج العروس : نطا
( 397 ) مجلة العرب ، سنة 24 ، ج 1 و 2 ، حاشية ص 121 ، الأماكن ، ج 1 ، ص 334 وحاشيتها
( 398 ) معجم البلدان : رسم حرم
( 399 ) الضوء اللامع ، ج 7 ، ص243
( 400 ) العرب ، سنة 20 ، ص 290 ــ 291
( 401 ) معجم معالم الحجاز ، ج 1 ، ص 144
( 402 ) نزهة الجليس ومنية الأديب الأنيس ، ص 442
( 403 ) مسالك الأبصار ، السفر الأول ، ص 532
( 404 ) المصدر السابق ، السفر الأول ، ص 532
( 405 ) العقد الثمين ، ج 5 ، ص147
( 406 ) الأغاني ، ج 14 ، ص 349
( 407 ) تاريخ المدينة المنوّرة ، ج 1 ، ص 265
( 408 ) معجم ما استعجم ، ج 4 ، ص 88
( 409 ) معجم ما استعجم ، ج 1 ، ص 88
( 410 ) معجم البلدان : السراة
( 411 ) البلدان ص 90 ، مختصر كتاب البلدان ص 34
( 412 ) تاريخ المدينة ، ج 2 ، ص 512
( 413 ) معجم ما أستعجم : رسم العزّاف
( 414 ) المصدر السابق : رسم حمامة
( 415 ) معجم معالم الحجاز ، ج 6 ، ص 95
( 416 ) معجم البلدان : أبرق الحنّان