قدم بعض الدعاة على أنهم سائقين متهورين تائبين
أثار(كاريكاتير) نشر في إحدى الصحف السعودية زوبعة من الأخذ والرد بين التيارات الفكرية في السعودية، واعتبر إسلاميون الكاريكاتير إساءة للمتدينين وبخاصة الدعاة، لأنه صوّر دعاة إسلاميين يتحولون من اللهو إلى الدعوة.
وكان الكاريكاتير الذي رسمه فنان الكاريكاتير السعودي إبراهيم الوهيبي لصالح جريدة اليوم السعودية ونشر في يوم الاثنين 21 مارس/آذار 2005 يظهر شابين سعوديين يرتديان طاقيتين دون شماغ أو غترة وقد جلسا في مقهى شعبي وكان أحدهما يدخن سيجارة ويصغي باهتمام ساذج وعيون ذبلانة إلى صاحبه الذي يدخن الشيشة ويقول بثقة: "أسمع يا الدلخ!! تفحط سنة.. سنتين! ويموت معك واحد اثنين. ثم تتحول إلى داعية يشار له بالبنان". وأشار إلى صاحبه بأصبعه.
والدلخ هو الساذج بالمحلية السعودية، والتفحيط هو قيادة السيارة والتلاعب بها بحركات بهلوانية خطرة. ويفتح الكاريكاتير موضوع توبة الدعاة وتحولهم إلى موجهين دينيين دون أن يتم تأهيلهم علمياً.
ويعتبر الكاريكاتير جريئاً بالنسبة للصحافة السعودية التي عادة ما تبتعد عن الخوض في قضايا تمس التدين والمتدينين أو الدعاة. وأثار الرسم الكارتوني البعض في السعودية، وبخاصة في المنتديات الإلكترونية والمجموعات البريدية، فتداعوا لمراسلة الجريدة والجهات المسؤولة.
وانتشر عبر البريد الإلكتروني صيغة جاء فيها بخط عريض: "من يوقف هذا الهجوم من الإعلام على الإسلام والمسلمين والعلماء والدعاة؟ فكل يوم نفاجأ بجريدة أو مجلة أو قناة تستهزأ بديننا وعلمائنا... ليس في دولة أمريكا أو إسرائيل وإنما في دولة التوحيد وقبلة المسلمين؟ أين وزارة الإعلام؟! جريدة اليوم تسخر من الدعاة إلى الله بهذا الكاريكاتير!".
وللوقوف على حقيقة الموضوع التقت "العربية.نت" إبراهيم الوهيبي والذي قال إن رسمه الساخر يتحدث عن "مفحط" مشهور في فترة من فترات حياته تحول إلى داعية ومن ثم تحول إلى "رمز كبير" لطلاب المدرسة والذين "أصبحوا يرددون أن هذا الداعية قام بالتفحيط بسيارته لسنوات والآن أصبح داعية وتتفتح له الأبواب"، وبالتالي يمكن أن يقلدوه في "التفحيط" وغيرها من الأمور السيئة التي كان يفعلها قبل أن يتوب.
وأكد الوهيبي أن ذلك "الكاريكاتير" لم تكن الغاية منه الهجوم على علماء الدين أوالسخرية منهم، وأضاف قائلا: "الكاريكاتير يقوم بعملية التوجيه مستخدما أسلوب النكتة، ولكن هذا لا يعني أن السخرية من ديننا الحنيف، فهو أكبر من أن يتحول إلى نكت أو فكاهة من أجل اجتذاب الناس".
وأشار الوهيبي إلى أنه سيستمر في تأدية رسالته من خلال عمله كرسام كاريكاتير ينتقد الظواهر السلبية الموجودة في المجتمع بغية القاء الضوء عليها وتوعية الناس بمخاطرها، وأكد الرسام السعودي أنه لم يتلق أي تهديد على رسوماته من أي جهة.
تجدر الإشارة إلى أن جريدة اليوم حذفت الكاريكاتير من أرشيفها الإلكتروني، وأبدلته باعتذار يشير إلى أن الموضوع المطلوب غير موجود، ويقتضي التنويه كذلك إلى أنه لم يكن ممكنا قبل أحداث الإرهاب التي قام بها متطرفون في السعودية وافتتحت في 12 آيار/ مايو 2003 أن تقوم الصحافة السعودية بانتقاد ممارسات يقوم بها الإسلاميون، لكن معركة الإرهاب فتحت سجالاً طويلاً من النقد المتبادل، يقول المحللون إن ضحيته كان على سبيل المثال رئيس تحرير جريدة الوطن السعودية جمال خاشقجي، الذي أقيل على اثر احتجاجات من بعض علماء الدين.
وكان خاشقجي أطلق العنان لجريدته لانتقاد شديد ضد الإرهاب والمتدينين، وأظهر رسامو الكاريكاتير في جريدته بضعة كاريكاتيرات تقدم الإرهابيين كملتحين ما اغضب المؤسسة الدينية الرسمية على وجه الخصوص.