تنافس حاد في السودان بين شركات إنتاج الأطعمة والمشروبات في رمضان
الخرطوم - خالد سعد:
تشتعل في العاصمة الخرطوم هذه الأيام حرب من نوع جديد تعرف ب "حرب الأطعمة والمشروبات" اندلعت قبل حلول شهر رمضان الكريم ولاتزال تتواصل بشكل يومي عبر إعلانات متلاحقه في التلفزيون والإذاعة وإعلانات الشوارع لشركات ومصانع عاملة في إنتاج واستيراد الأطعمة الجاهزة والمشروبات الغازية والعصائر. وبينما خرجت شركات مشهورة مثل "البيبسي" و"الكوكولا" بمنتوجات أطلقت عليها اسم "الحجم العائلي" و"الحجم الكبير" وزادت في حجم تعبئة مشروباتها مع خفض الأسعار بمناسبة شهر رمضان، انبرت عدد من المصانع المحلية في الترويج لمنتجاتها من المشروبات الشعبية التقليدية بيد أنها أضافت إليها رونقا جديدا بتعبئتها في صناديق كرتونية حافظة، وحظي مشروب "الحلو مر" التقليدي على مساحة مقدرة من إعلانات المصانع المحلية وتلاه مشروبات "الكركدي" و"القنقليز" وغيرها من مشروبات رمضانية شعبية في السودان. ولكن كيف بدأت حرب "حرب الأطعمة والمشروبات" في السودان، يقول مسئول الترويج في شركة دال للصناعات الغذائية الوكيل الحصري لمشروب "الكوكولا" أن شركته هي التي ابتدرت حملتها الإعلانية الأولى قبل عدة شهور من هذا العام لإنزال منتوجها من "الكوكولا" وشملت الحملة عدة جوانب أبرزها الإعلانات الإذاعية والإعلانات المضيئة بشوارع الخرطوم الرئيسية وغيرها من قنوات الإعلان الأخرى، ويضيف أن السبب الأساسي في بداية ظاهرة الدعاية للمشروبات عندما قامت اكبر شركتين للمياه الغازية في السودان برعاية عدد من الدورات والأنشطة الرياضية، إذ ترعى "كوكولا" حاليا الدوري السوداني الممتاز لكرة القدم كما قامت برعاية عدد من المسلسلات التي تعرض على القناة الفضائية السودانية. وتشير إحصاءات تأثير الحملات الإعلانية الضخمة التي تقوم بها شركات إنتاج السلع والمشروبات إلى ارتفاع معدلات التوزيع بشكل كبير خلال شهر رمضان على الرغم من التنافس الحاد الذي تواجهه تلك الشركات مع مصانع وشركات إنتاج المشروبات الشعبية. ولكن على الرغم من حمى الإعلانات التي تجتاح طرقات وشوارع السودان مع بداية شهررمضان في مجال الترويج للسلع الرمضانية بأنواعها وأشكالها المختلفة، "مشروبات من كل نوع وصنف وأطعمة"، إلا أن هذه الموجة على ما يبدو مازالت تفشل في القضاء على الوجبات والمشروبات السودانية الشعبية التي ظهر انها قادرة على المقاومة بشتى السبل. وطبقا للطالبتين سلافة عثمان ويسرا عوض اللتين جمعتهما الدراسة بكلية الاقتصاد جامعة الخرطوم فإن الأطعمة الرمضانية السودانية المعروفة مرتبطة بتراثهما. وقالت سلافة إنها مازالت تأكل طعام "العصيدة" في رمضان وتعتمد على المشروبات البلدية ك "الحلو مر" و"القنقليز"، وأضافت لا يمكنني تناول البيتزا والبيرقر في رمضان. ويرى محمد عبد المنعم طه وهو موظف حكومي أن الأطعمة والمشروبات التقليدية اكثر ما يميز شهر رمضان في السودان مشيرا الى أن معظم السودانيين من الطبقة المتوسطة والفقيرة مازالوا متشبثين بنسق نظامهم الغذائي في رمضان، وأعتبر أن الأطعمة المعلبة والمشروبات الغازية متروكة للأغنياء فقط. ويعتقد الموظف الحكومي العازب انه من الضروري أن تكون زوجة المستقبل على علم بتحضير الأطعمة والمشروبات التقليدية بنسبة 100%. أما عمار أبو زيد عبد اللطيف صاحب محل خياطة في سوق "اللفة" جنوب العاصمة الخرطوم، يقول إنه لا يستطيع أن يتخلى عن الأطعمة والمشروبات التقليدية في شهر رمضان، ولكنه يقر بان تفشي ظاهرة الأطعمة الجاهزة والمشروبات المستوردة قد إثرت بشكل كبير على النظام الغذائي في المجتمع السوداني، مشيرا إلى أن حملات الترويج والإعلانات الكبيرة التي تقوم بها تلك الشركات تسهم بشكل كبير في تغيير المفاهيم التقليدية. ويذهب معتصم عبد الغني الذي يدرس الحاسوب بجامعة الخرطوم إلى أنه شخصيا لا يجد لذة في تناول المشروبات الشعبية، مدعيا أن معظم أبناء جيله لا يحبذون الأطعمة والمشروبات التقليدية وتجذبهم المشروبات الغازية والمأكولات الجاهزة، كما لا يتوقع عبد الغني في زوجة المستقبل أن تكون لديها معرفة بصنع تلك الأشياء.