نبض السوق
مؤسسة النقد بين مطرقة وسندان
راشد الفوزان
هما مطرقة التضخم وسندان السيولة، استغرب من الحديث أو ترديد أن تثبيت سعر الفائدة سيكبح التضخم لدينا، لا أعرف من أي مسوغ اقتصادي يمكن ترويج ذلك، تثبيت سعر الفائدة لدينا هو بميزان "أحلاهما مر"، التحليلات والإحصائيات تقول أن لدينا سيولة ضخمة تتجاوز "تريليون ريال" يتزامن مع دخل مرتفع من خلال نفط يتجاوز سعره 08دولارا ومرشح أن يلامس 58دولارا، يتزامن مع أنفاق حكومي ضخم بلا حدود من بناء وتشييد وحتى الأفراد بمشاريعهم الخاصة والدلائل هي استمرار ارتفاع تكلفة المواد والخدمات لدينا في كل شيء، هذا التضخم من خلال سيولة عالية وإنفاق أكبر ونمو اقتصادي كبير، يشير ويعطي تأكيد على استمرار التضخم، ولكن البنك الفيدرالي الأمريكي خفض الفائدة، لظروف الاقتصاد الأمريكي والخشية من الركود وقلة الوظائف، ونحن في اقتصادنا السعودي العكس، لدينا نمو اقتصادي وتوظيف وابتعاث وجامعات جديدة ومصانع وتوسعات لا تحاكي وضع الاقتصادي الأمريكي الذي يعاني، إذا من أي يأتي فرضية تخفيض سعر الفائدة فلا يدعم ذلك لا سياسة نقدية ولا مالية، هي فرضية اقتصادية الواقع هو من يفرضها، وحين لا تتغير سعر الفائدة، فكيف يمكن دعم "سوق المال السعودي"، هل بفكرة عودة الأموال المهاجرة بسبب خفض فائدة نصف نقطة؟ هذا غير موضوعي ترويج مثل هذه الأطروحات العاطفية التي كثيرا ما تسيطر على بعض التحليلات لدعم سوق الأسهم السعودي بأي وسيله وطريقة، والأساس من يريد ربط بسعر فائدة سيجد أسواقا أخرى أكثر عائدا بسعر فائدة أكبر، ليس من السهولة تناقل مليارات الريالات بمجرد تغيير سعر الفائدة، وإلا قامت الدول برفع أسعار الفائدة لديها لاجتذاب الأموال الأجنبية بدلا من سن قوانين استثمار وهيئات ووزارات استثمار، بل تعتمد في الأساس على سياسية نقدية ومالية، ومن ينقل مليارات الريالات لن يكون المحرك الأساسي هو سعر الفائدة للمستثمر الأجنبي بقدر البحث عن استثمار حقيقي.
خطوة مؤسسة النقد الآن بتثبيت سعر الفائدة هي الأكثر جدوى من أي قرار اخر، فرفع سعر الفائدة سيزيد سيولة البنوك وهي تعاني من تضخم سيولة وأثر سلبي على الاقتصاد على المدى الطويل وأسواق المال، وخفض الفائدة، سيزيد الإقراض على الأفراد وتستفيد الشركات بتخفيض تكلفة الاقتراض وتزيد من التضخم أكثر مما هو مرتفع، نحن "بأزمة" السيولة ان صح لي التسمية، قد تكون هناك رغبة بخفض الفائدة للريال، ولكن الوضع الاقتصادي ومتطلباته لا تسمح بذلك على الأقل الآن. وستكون الفترة القادمة محك مهم لسعر الفائدة على الريال السعودي الذي يتضح أنه سيشهد كثيرا من المتغيرات والشد والجذب في البورصات، وستعاني حساسية عالية لأي متغيرات قد تتم، والسؤال سيعود من جديد، كيف يمكن كبح التضخم لدينا بدون رفع الفائدة؟ في ظل خفض سعر الفائدة على الدولار الأمريكي؟ فعلا أزمة حقيقية....