نبض المداد


أول أيام الحياة الزوجية


أحمد بن محمد الجردان


في هذه الإجازة الصيفية عشنا لحظات الفرح في تلك الليالي الملاح، وهي بحق ليالي فرح وسرور يسعد بها المرء أيما سعادة؛ لأنها لبنة جديدة في بناء المجتمع، ولأنها المحضن الصحيح للعلاقة بين الشاب والشابة، ولا شك أن الأحلام تداعب خيال هذا الشاب وتلك الشابة اللذين اقترنا في تلك الليلة السعيدة ليبنيا عش الزوجية.
وما أود الحديث عنه في غمرة فرحهما وأحلامهما الوردية وهمساتهما الحانية ونظراتهما الحالمة أن ينظر كل منهما إلى القادم بواقعية، بواقعية الواقع لا بواقعية روايات الحب الخالدة ومسلسلات الغرام الهابطة؛ لأنني أؤمن كما أن المساحيق ستزول لا محالة من وجه العروس صباحية الزواج ليراه الزوج على حقيقته، وكما ستزول أيضا تلك الجماليات من هندام العريس صباحية الزواج لتراه الزوجة على حقيقته، كذلك ستزول المجاملات المتمثلة بالكلمات التي تدغدغ المشاعر وبالنظرات الغارقة في الرومانسية ليصبح العريس وعروسه في مواجهة الواقع بكل تقلباته وظروفه، وحينها يصحوان على الحقيقة بكل تفاصيلها، وسيبين المخفي وسيكون كل شيء على المكشوف..
وهذه حقيقة لا شك فيها أبداً، غير أن الواجب عليهما أن يعيا هذه المرحلة وهي مرحلة المواجهة والمكاشفة والحقائق التي تتطلب منهما أن يقبل كل منهما الآخر كما هو لا كما يحب، فيقبله بسلبياته وبإيجابياته، ويسعى لعلاج السلبيات بطريقة ذكية تدريجية ولو كانت طويلة المدى، فالمهم ألا تصطدم هذه المعالجة مع الكرامة والمقومات الشخصية والمكانة الاجتماعية وخصوصا الأسرية التي كان ذا عهد قريب بها، وفي المقابل ينمي الإيجابيات ويفتح لها سبل التطور ورحاب الانطلاق من خلال قنوات عدة لا يتسع المجال لذكرها. وأما الوقاية من المشكلات الزوجية والخلافات بينهما فمن الأهمية وضع نقاط يتفق عليها الزوجان كميثاق لصد هذه المشكلات ابتداء ومنها عدم السماح لأي كائن كان التدخل فيما يجري بينهما حتى ولو كان الوالد والوالدة ناهيك عن غيرهما؛ فمشكلاتهما هما أولى بعلاجها، وكذلك احترام أهل وأقارب الطرف الآخر. ومن النقاط المهمة ألا يتحدثا عن صور الحب التي بينهما واللحظات الرومانسية ونحو ذلك أمام الناس؛ فضرره أكبر من نفعه. ومن النقاط أيضاً في حال تأخر الحمل يجب ألا يقلقا أبداً وخصوصاً في السنتين الأوليين مع بذل السبل الشرعية من رقية وطب لمعرفة الأسباب وعدم السماح لأحد بالتدخل بينهما، علما بأنهما سيسمعان من القريب والبعيد سؤالاً لا شك يؤلمهما عن سبب التأخر في الحمل وخصوصاً أن فلان وفلانة قد تزوجا معهما وأنجبا وهما لم ينجبا بعد، سيسمعان النصائح والتوجيهات، فهذا ينصح بالذهاب إلى الطبيب الفلاني، وتلك باستخدام الأعشاب الفلانية.. إلى آخر ذلك!!
الحديث هنا لا أراه إلا وقفات عابرة؛ نظراً إلى ضيق الوقت والحيز المتاح، غير أني أحيل من هو في بداية حياته الزوجية إلى الكتب والأشرطة لعدد من أهل الاختصاص في هذا المجال التي أرى من الضرورة لكل مبتدئ في الحياة الزوجية أن يقرأها ويستمع إليها؛ فالحياة دروس، والعاقل من استفاد من تجارب الآخرين.



* ajardan@maktoob.com

الرابط

http://www.al-jazirah.com/147499/is11.htm